* من رعاية الإسلام للواقع في إطار الدولة أن أساس وجود الدولة في الإسلام هو إقامة شرع الله وإعلاء دينه وتحقيق المصالح الشرعية، وهذا يعني أن يقوم بها قوي أمين عادل صالح، وأن يعزل عنها الفاجر الجائر الذي لن يحقق هذه المطالب لكن رعاية الواقع متمثلة بالخشية من فتنة أكبر بانفلات الأمن، وضياع الحقوق نهت الشريعة عن الخروج على الإمام الجائر ما دام معلنا شعار الدين، وفي هذا جاء الحديث الذي سئل فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام عن منابذة أئمة الجور فقال:«لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ»(١) .
* ومن هذا المجرى أنه حينما تعرض للدولة المسلمة أحداث أو قضايا فيطلب الحاكم شورى من حوله أو اجتهادات العلماء فتتعدد الآراء والاجتهادات ويأخذ الحاكم بواحد منها ليعتمده في هذا الحدث، أو حل هذه القضية؛ فإن اعتماده لهذا الاجتهاد يقطع النزاع ويقضي على أصحاب الآراء الأخرى بالوقوف معه فيما تبناه، حتى لا يحدث التنازع والشقاق ومن ثم الفشل وذهاب الريح.
* ومن اعتبار الواقع في أمر الدولة أن العلاقة مع الأمم الأخرى على مستوى الدول تنطلق من الدولة نائبة عن الشعب في إقامة العلاقات وإبرام الاتفاقيات، وحتى في إعلان الجهاد ضد العدو إذا اقتضت الظروف ذلك.
وإذا ساغ للفرد أن تكون له علاقات شخصية أو فكرية ونحوها مع أفراد خارج دولة الإسلام فإنه لا يسوغ له أن يغامر بمجتمعه كله نتيجة
(١) رواه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع وترك قتالهم ما صلوا.