للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داود (١) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» قالها ثلاثا، وما ذلك إلا لخطورة (التَّنَطُّعِ فِي الدِّينِ) الذي هو الغلو في الدين والتطرف فيه. قال النووي في شرح مسلم (٢) «هلك المتنطعون» ، أي: المتعمقون الغالون المتجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم ".

وقد جاء في أحاديث أُخَر: أن التشديد على النفس سبب لوقوع التشديد من الله تعالى - كما في الحديث عند أبي يعلى في مسنده وفي إسناده ضعف وهو صالح للشواهد والمتابعات -. وقال محقق المسند: إسناده حسن: «لا تشددوا علي أنفسكم فيشدد الله عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم» (٣) .

إن من الحقائق التي تظهر لكل من تتبع تاريخ دعوات الرسل عليهم الصلاة والسلام أن الأمم تتفاوت في مقدار الاستجابة، وتتفاوت درجات المدعوين في سلوك طريق الحق: فمن الناس المتمسك بالحق، المستقيم على طريقه. ومنهم المفرط الزائغ المضيع لحدود الله. ومنهم الغالي الذي تجاوز حدود الله. وكل أولئك وجدوا فيمن سبق أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهم في أمته متوافرون، ولذلك جاءت النصوص الشرعية بالتحذير من سلوك طرق


(١) رقم ٤٦٠٨.
(٢) ج (١٦ / ٢٢٠) .
(٣) ج (٦ / رقم ٣٦٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>