للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما من مشاد لهذا الدين إلا ويغلب وينقطع عن الاستقامة على الدين، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ [أَيْ يُغَالِبَ] الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ [أَيْ بِالتَّبْكِيرِ فِي الطَّاعَةِ] وَالرَّوْحَةِ [أَيِ الْعَوْدَةِ إِلَى الرَّاحَةِ لِاسْتِعَادَةِ النَّشَاطِ عَلَى الطَّاعَةِ] وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» . أي الاستعداد للمتابعة، تشبيها بالمسافرين الذين يجددون نشاطهم واستعدادهم لمتابعة المسير، بلا تكلف ولا إرهاق، ولهذا جاء في رواية أخرى: «وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا» [أخرجه البخاري في صحيحه ج١ / ١٦ / والنسائي في سننه ج١٨ / ١٢١] . قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج١ / ٩٤ /: " والمعنى: لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية، ويترك الرفق، إلا عجز وانقطع فيغلب "، ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث بالتسديد والمقاربة والتوسط، ليتحقق المقصود، ألا وهو الثبات على الدين بلا انقطاع ولا تخلف. فتبين بذلك أثر الغلو في الدين على الاستقامة عليه، فكان لا بد من نبذ الغلو لتحقيق الاستقامة على الحق والدين القويم. فالغلو والتفريط وما بينهما وسط. . قال الحسن البصري رحمه الله: إن دين الله وضع على القصد فدخل الشيطان فيه بالإفراط والتقصير فهما سبيلان إلى نار جهنم، وعنه: إن دين الله تعالى وضع دون الغلو وفوق التقصير (١) .


(١) نوادر الأصول في أحاديث الرسول ج: ١ ص: ١٦٧ أبو عبد الله الحكيم الترمذي ٣٦٠ هـ ت / عبد الرحمن عميرة ١٩٩٢م.

<<  <  ج: ص:  >  >>