للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الشبهة بأدلة متعددة، كقوله تعالى {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} [المائدة: ٧٥] (١) .

ومثل فعل النصارى هذا؛ فعل اليهود مع العزير، وفعل بعض فرق هذه الأمة مع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، ولهذا حرقهم علي رضي الله عنه، واتفق الصحابة رضي الله عنهم على قتلهم، واختار ابن عباس أن يقتلوا بالسيف من غير تحريق، وهو قول أكثر العلماء (٢) .

وقد قاد الغلو النصارى إلى ابتداع البدع في دينهم، والتعبد لله تعالى بها، كما قال تعالى {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: ٢٧]

فكل من غلا من هذه الأمة، واتبع هواه وحكمه في دين الله، أو زاد على ما شرعه الله ففيه شبه من أهل الكتاب، ومن تشبه بقوم فهو منهم. ومآله إلى الهلاك في الدنيا والآخرة؛ لأن الغلو هو سبب هلاك من مضى من أهل الكتاب باختلافهم وتقاتلهم وتباغضهم، وفي الآخرة هم الأخسرون.

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ " قالها ثلاثا» . رواه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود (٣) .


(١) سورة المائدة ٧٥.
(٢) ينظر منهاج السنة لابن تيمية (١ / ٢٨) .
(٣) صحيح مسلم (٢٦٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>