للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل ما ذكره هذا الإمام واقع ملموس في هذه الفئة ومن نحا نحوها في الغلو، ذلك بأن كل خير يحصل للأمة إنما هو بسبب اجتماعها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا فسر حبل الله تعالى الوارد قي قوله جل وعلا {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣] بالجماعة في قول ابن مسعود رضي الله عنه وغيره (١) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأهل الإثبات من المتكلمين مثل الكلابية والكرامية والأشعرية أكثر اتفاقا وائتلافا من المعتزلة، فإن في المعتزلة من الاختلافات وتكفير بعضهم بعضا، حتى ليكفر التلميذ أستاذه، من جنس ما بين الخوارج، وقد ذكر من صنف في فضائح المعتزلة من ذلك ما يطول وصفه.

ولست تجد اتفاقا وائتلافا إلا بسبب اتباع آثار الأنبياء من القرآن والحديث وما تبع ذلك، ولا تجد افتراقا واختلافا إلا عند من ترك ذلك، وقدم غيره عليه، قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ - إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: ١١٨ - ١١٩]

فأخبر أن أهل الرحمة لا يختلفون، وأهل الرحمة هم أتباع الأنبياء قولا وفعلا، وهم أهل القرآن والحديث من هذه الأمة، فمن خالفهم في شيء فاته من الرحمة بقدر ذلك. . اهـ (٢) .


(١) المحرر الوجيز لابن عطية (٣ / ١٨٢) .
(٢) مجموع الفتاوى ٤ / ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>