الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فقد تفاوتت استجابات الناس لدعوات الرسل: - فمنهم المستقيم المتمسك بالحق. - ومنهم المفرط الزائغ المضيع لحدود الله. - ومنهم الغالي المتجاوز لحدود الله. وكل أولئك وجدوا فيمن سبق أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهم في أمته متوافرون، فجاءت النصوص ناهية عن سلوك سبل أهل الزيغ، كما جاءت ناهية عن الغلو، ولست بصدد بيان ذلك، وإنما تمحضت هذه الورقة للكلام عن: أسباب الغلو العلمية والمنهجية (الخوارج أنموذجا) .
وفاتحة القول في ذلك أن أقدم بمقدمة حول الأسباب: معناها، ومنهج استخراجها، وملاحظ عامة حول أسباب الغلو.
لقد جعل الله لكل شيء سببا، وجعل الظواهر والمشكلات التي يقع فيها الناس راجعة إلى أسباب سائقة إليها، وهذه سنة من سنن الله - عز وجل - في الخلق والكون.
ومشكلة الغلو ليست بدعا من المشكلات إذ لها أسباب لإيجادها، وأسباب لإمدادها.
والأسباب هي: العوامل المؤدية إلى الوقوع في الغلو سواء أكانت متعلقة بالجانب الذاتي للغالي أو الجماعة الغالية، أم كانت متعلقة بالبيئة المحيطة به.