وهذا متقرر حتى في فهم كلام الناس أنفسهم؛ فلا بد من معرفة ما عناه المتكلم وقصده.
ويعرف مقصود الشارع سبحانه بمعرفة سنته في الخطاب فتجمع النصوص ليخرج من مجملها بفهم مراد الشارع كما يفهم أيضا المقصود بالرجوع إلى السنة وأقوال الصحابة.
والألفاظ الشرعية وإن كانت عربية في الأصل إلا أنه لا بد من معرفة مراد الشارع الذي نقل تلك الألفاظ عن مدلولاتها الأصلية إلى معان بينها وبين المعنى الأصلي نوع اشتراك إذ (جنس ما دل عليه القرآن ليس من جنس ما يتخاطب به الناس، وإن كان بينهما قدر مشترك فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاءهم بمعان غيبية لم يكونوا يعرفونها، فإذا عبر عنها بلغتهم كان بين معناه وبين معاني تلك الألفاظ قدر مشترك ولم تكن مساوية بها، بل تلك الزيادة التي هي من خصائص النبوة لا تعرف إلا منه)(١) .
ولقد أعرض الخوارج عن هذا المنهج الرشيد فصاروا إلى الأخذ بظواهر النصوص من غير تدبر ولا نظر في مقاصدها ومعاقدها، فبادروا إلى تفسيرها بمجرد ظاهر اللغة وفهم العربية وبهذا يكثر غلطهم في فهم التنزيل.
ومن أمثلة ذلك: اعتمادهم على قول الله - عز وجل - {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة: ٨١]