جل شأنه:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨] وقال في صاحب الرسالة وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى}[الأعلى: ٨] وقال في أصحابه وأتباعه: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال: ٦٣]
ولذلك اعتبر القرآن المؤمنين إخوة، ووصفهم بهذا الوصف إشاعة لخلق التسامح فيما بينهم، فقال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠]((ثم إن وصف الأخوة يستدعي أن تبث بين الموصوفين به خلال الاتحاد والإنصاف والمواساة والمحبة والصلة والنصح وحسن المعاملة فيتقبلها جميع الأمة بالصدر الرحب، سواء في ذلك الشريف والمشروف والقوي والضعيف، فإذا ارتاضت نفوس الأمة على التخلق بالأخوة بينهم سهلت على الشريعة سياستهم، وإنما ترضاض النفوس على الأخوة بتكرير غرسها فيها، وبتأكيد الدعوة إليها واجتثاث ما ينافيها)) (١) .
ولم يقتصر القرآن الكريم على إشاعة هذا الخلق فيما بين المسلمين، بل جعله عاما بين الناس جميعا، ((فلذلك يحق لنا أن نقول إن التسامح من خصائص دين الإسلام وهو أشهر مميزاته، وإنه من النعم التي أنعم بها على أضداده وأعدائه، وأدل حجة على رحمة الرسالة الإسلامية المقررة بقوله