فقد صاحب هذه الطفرة الحضارية على الكرة الأرضية أحداث دامية مؤلمة في كثير من الأقطار والأمصار معظمها متمخض عن هذه الظاهرة، وكان أهم مظاهر الغلو المعاصر على النحو التالي:
١ - مظهر التكفير: وهي بلية ابتليت بها أمة الإسلام على أيدي أغمار شبان لم يتفيأوا بظلال العلم الشرعي، ولم يرتقوا في معارج المعارف، ولم يتأهلوا للحكم بالكفر على هؤلاء، أو بالإيمان لأولئك، فتناولوا حكاما يحكمون الشريعة الإسلامية - في الجملة - بالتكفير وإن كان هناك بعض القصور، لأنهم كما يزعمون حكموا بغير ما أنزل الله سبحانه، هكذا أخذوا الموضوع على إطلاقه عريا عن القيود والضوابط المرعية هنا ثم كفروا أتباعهم المحكومين لكونهم - كما يزعمون - راضين بهذه الأحكام الوضعية ثم امتد التكفير إلى كل من لم يكفر هاتين الطائفتين، ومضت سلسلة التكفير تنتظم المجتمعات الإسلامية على أيدي هؤلاء الأحداث، فلم يبق على وجه الأرض إلا أفراد مسلمون فقط كما يزعمون وأما ما سوى هؤلاء النخبة فهم غير معصومي الدماء، وليسوا من أهل القبلة وإن اتجهوا إليها في صلواتهم وحجهم.
ولعل من أهم عوامل اختراع هذا الاتجاه امتلاء الساحة في عصرنا الحديث بالفرق والمذاهب والآراء التي تذكي نيران الفرقة،