للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخذ العلماء بهذا الأمر، فقعدوا قاعدة فقهية هي من قواعد الفقه الكبرى (١) والتي عليها مدار الفقه الإسلامي، وهي قاعدة: " المشقة تجلب التيسير، ومن فروعها: " الضرورة تبيح المحظورة "، " الرضى بأهون الضررين لدفع أعلاهما إذا لم يكن من أحدهما بد " (٢) .

(٩) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: «هَاِت الْقُطْ لِي، فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ» (٣) .


(١) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٧٦، الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية ص ١٥٧، القواعد الفقهية الخمس الكبرى، والقواعد المندرجة تحتها، من مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ص ٢٣٣ - ٢٣٩.
(٢) فتح الباري (١٠ / ٥٢٥) . وهذه القاعدة الفرعية معدودة في كتب القواعد الفقهية ضمن فروع قاعدة: لا ضرر ولا ضرار، أو الضرر يزال، ولا تمانع فهي تدخل تحت القاعدتين، فإن من التيسير الرضى بأهون الضررين إذا لم يكن من إحداهما بد، ومن الضرر الذي يزال: دفع الضرر الأعلى بالأدنى، ويدل على ما ذكرت أنه جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب صب الماء على البول، حديث رقم (٢٢٠) ، عن أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين، وقد أشار إلى ذلك ابن حجر. والله الموفق.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (الرسالة ٣ / ٣٥١، تحت رقم ١٨٥١) ، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى، حديث رقم (٣٠٥٧) ، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي، حديث رقم (٣٠٢٩) ، وابن خزيمة (٤ / ٢٧٤، تحت رقم ٢٨٦٧) ، وابن حبان (الإحسان (٩ / ١٨٣، تحت رقم ٣٨٧١) ، والحاكم (١ / ٤٦٦) . والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وصحح إسناده محققو مسند أحمد، ومحقق الإحسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>