للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضي الله عنه، فسألها فاعترفت اعترافًا يظهر منه أنها لم تعلم حرمة الزنا، فاستشار عمرُ أكابر الصحابة فقال له عثمان: إنما الحدُّ على من عَرَفَهُ، وأراها تستهلُّ به (١).

فيؤخذ من هذا أنهم فهموا أنَّ الأَمَةَ كانت ترى الزنا مباحًا، ومع ذلك عذروها فلم يُكَفِّرُوها ولا حَدُّوها (٢).

ومنها: توهُّم بعض [٦٥١] الصحابة في زمن عمر أن الخمر حلال للمتقين المحسنين، واحتجَّ بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ... لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: ٩٠ - ٩٣].

فعذره الصحابة وبيَّنوا له خطأه ولم يكفِّروه، ولكنهم حَدُّوه (٣).

ومنها حديث الصحيحين وغيرهما: «كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا متُّ فاحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذرُّوني في


(١) سنن البيهقيّ، كتاب الحدود، باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات، ٨/ ٢٣٨ - ٢٣٩. [المؤلف]. وقوله: تستهلُّ به، أي: تُعْلن به ولاتكتمه، كما بُيِّن في الرواية، ولكنَّ المؤلِّف أوردها مختصرة.
(٢) أي: حدَّ الرجم؛ لأنها كانت ثيِّبًا، وإنما جلدوها وغرَّبوها تعزيرًا كما بيَّنته الرواية.
(٣) انظر: المستدرك، كتاب الحدود، كان الشارب يُضْرب على عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالأيدي والنعال، ٤/ ٣٧٥. وسنن البيهقيّ، كتاب الأشربة والحدِّ فيها، باب مَن وُجِد منه ريح شرابٍ ... ، ٨/ ٣١٥ - ٣١٦. [المؤلف]. وهو في مصنف عبد الرزاق، كتاب الأشربة، باب من حُدَّ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ٩/ ٢٤٠ - ٢٤٣ ح ١٧٠٧٦.