للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٦٥٠] وعلى هذا فالأمر الذي سقط في نفس أُبيٍّ رضي الله تعالى عنه دون تكذيبه إذ كان في الجاهلية، ولكن مع ذلك يظهر لي أنه أَشَدُّ من الوسوسة الفارغة.

وفي كلام الأُبِّيِّ ما يؤخذ منه أنَّ العذر مَبْنِيٌّ على مجموع أمرين:

الأوَّل: عدم استقرار ذلك العارض.

والثاني: عدم القدرة على دفعه.

وقد يقال: لماذا لا يكفي عدم القدرة، وقد قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}؟

والجواب: أنه لا يمكن أن يجتمع استقرارُها في النفس مدَّةً طويلةً، وعدم قدرته على الدفع، بل إنما تستقرُّ مدَّةً طويلةً إذا قَصَّرَ في البحث والنظر الصادق، بدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} كما مرّ، بخلاف النزغة العارضة فإنها تسبق النظر والمجاهدة.

ومما يشهد لهذا قول الله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: ٢٠٠ - ٢٠١].

وقد تقدَّم في أوائل الرسالة (١) الإشارة إلى وقائع أخرى تشبه واقعة أُبَيٍّ رضي الله عنه.

ومن الآثار في الأعذار ما جاء أنَّ أَمَةً زنت في عهد عمر بن الخطاب


(١) ص ٣٢ - ٣٣.