للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - ((التنقيح)) أكثر فيه مؤلفه من ذكر الفروع الفقهية مستدلاً بها على القاعدة الأصولية، وموجّهاً لها مبيّنا رأي الحنفية فيها ويتعرّض لذكر الخلاف بين علماء الحنفية أنفسهم وخاصة بين أبي حنيفة ... والصاحبين وزفر، بخلاف ((جمع الجوامع)) فلم يتعرّض لذكر هذه الفروع إلا نادراً، ولم يكن ذكره لها استدلالاً على القاعدة الأصولية بل بناءً عليها واستئناساً بها.

٦ - ((التنقيح)) في المسائل الأصولية التي لها جذور كلامية كان يتبنّى مؤلفه فيها مذهب الماتريدية مثل: مسألة الحُسْن والقُبح، والتكليف بما لا يطاق، بخلاف ((جمع الجوامع))، فقد كان مؤلفه يتبنّى رأي الأشاعرة في هذه المسائل.

٧ - تعرض ((التنقيح)) لبعض المباحث التي لم يذكرها التاج في ((جمع الجوامع)) وهذه المباحث أكثرها مما له علاقة وطيدة بمذهب الحنفية خاصة، ومنها مسألة العمل بالحديث فيما تعم به البلوى، ... ومسائل الأهلية وما يتعلق بها من شروط ومن عوارض، ومسائل الحقوق حق الله وحق العبد ... وغيرها، وكذا تعرّض ((جمع الجوامع)) لبعض المباحث التي لم يذكرها ((التنقيح)) كمسائل الاعتقاد والتصوف التي ختم بها التاج السبكي مصنفه.

المبحث الرابع

منع الموانع عن جمع الجوامع

[المطلب الأول: التعريف بالكتاب]

((منع الموانع عن جمع الجوامع))، هو الكتاب الذي وضعه التاج السبكي ليُبيّن فيه ما أُغلِق أو استُشكِل من عبارات كتابه ((جمع الجوامع)) فهو قد وضع هذا الكتاب ليكون كالشرح والتقرير ... والدفاع عما أورده في ((جمع الجوامع)).

[سبب تأليف الكتاب]

هذا ويعود السبب في تأليف الكتاب إلى ما أُورِد على ((جمع الجوامع)) من أسئلة ... واعتراضات، وجهت إليه، أجاب عنها التاج في هذا الكتاب، وتشير بعض المصادر التاريخية أنّ ((منع الموانع)) هذا؛ إنّما جاء ردا على الإشكالات التي أوردها تلميذ التاج السبكي شمس الدين العيزري في كتابه ((البروق اللوامع)) (١)، غير أنّ التاج السبكي لم يصرّح بذكره في ثنايا الكتاب المطبوع بين يدي الآن، ولعل هذه الأسئلة هي التي أجاب عنها التاج السبكي في القسم الأول من الكتاب، والتي بلغ عددها ثلاثة وثلاثون سؤالاً (٣٣)، والتي لم يسمِّ المرسِل بها، والظاهر أنّها من تلميذه العيزري يدل على ذلك الخطبة الواردة في بداية الأسئلة والتي فيها: ((المسئول من إحسان سيدنا ومولانا قاضي القضاة شيخ الإسلام والمسلمين، بقية المجتهدين، مُوضِّح المشكلات بالدلائل الواضحات، بلّغه الله تعالى أعلى المقامات وفتح أعماله بالصالحات، وأدام أيامه، وأنفذ أحكامه، وجدَّدَ على يديه دين هذه الأمة، وكشف به عنها كل غمة؛ أنّ يوضّح لنا ما أُشكِل علينا، ودَقَّ فهمه من ألفاظه الشريفة العزيزة، وما عزب عنا علمه في كتابه: ((جمع الجوامع))، العديم المثال، المحتوي على فوائد جمة لم تخطر لغيره ببال.

فلقد عم النفع به ولله الحمد، وشدت في طلبه الرحال، وكررت عليه الطلبة، وأعرضت عن كل مختصر، وأمعنت فيه الأكابر النظر، وشُبّهت المختصرات بالكواكب، وشُبّه هو بالقمر.)) (٢)


(١) انظر: السخاوي، الضوء اللامع (٩/ ٢١٨)
(٢) انظر: التاج السبكي، منع الموانع ص ٧٣

<<  <   >  >>