للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - وقوله في مباحث الإجماع في كتابه ((رفع الحاجب)) تعقيباً على قول ابن الحاجب في تعريف الإجماع: ((ويَرِدُ عليه [إي على تعريف الغزالي للإجماع بأنَّه: اتفاقُ أمة محمد على أمر من الأمور الدينية] أنه لا يوجد، ولا يطرد ... ولا ينعكس)) (١).

قال التاج السبكي بعد شرح ذلك: ((ولقائل أن يقول: على الأول: أنَّ الأمة مختصة بالموجودين.

وعلى الثاني: أنه غير متصوَّر، لأنَّ إجماع العدد العظيم على شيء واحد لا أصل له يعود إليه، مستحيلٌ عادةً كاتفاقهم على مأكولٍ واحد في وقتٍ واحد وأنظاره ...

وعلى الثالث: أنَّه ساقطٌ بالكلية لأنه لا يُحتجُّ بالإجماع إلا في الشرعيات)) (٢).

سادساً: ردُّ دعاوى الإجماع والاتفاق:

لم يكن التاج السبكي، مغرما بادعاء الإجماع أو الاتفاق على المسائل المعروضة، بل وجدته كثير التحفُّظ على دعاوى الإجماع والاتفاق، حيث كان يقفُ عند هذه الدعاوى ويردُّ كثيراً منها، وفي هذا دلالة واضحة على منهجية التاج السبكي في التعامل مع قضايا الإجماع وأنه يرى صعوبةَ انعقاد الإجماع ولهذا كان يردُّ كثيراً من هذه الدعاوى، كما فيه دلالة واضحة على سعة إطلاع التاج السبكي على الأقوال والآراء.

ومن الشواهد الدالة على ذلك:-

١ - قوله ردَّاً على البيضاوي حيث ادَّعى أنَّ الإجماع منعقد على أن من قال عليّ عشرة إلا تسعة فإنه يلزمه واحد (٣)، قال التاج السبكي ردّاً عليه: ((ونَقْلُ الإجماع مردود فقد حكاه أحمد بن حنبل، وبعض المالكية)) (٤).

٢ - وقوله ردّاً على ادِّعاء الباقلاني الإجماع على عدم تأثيم من أخّر الفرض إلى آخر الوقت: ((وهو نقل مدفوع؛ فإنَّ الشافعيَّ رضي الله عنه نقل في ((الأم)) في كتاب الحج عن بعضهم التأثيم وهو أثبت)) (٥).

سابعاً: التنبيه على خطأ أو وهم وقع فيه السابقون:

كان التاج السبكي في أثناء مناقشاته يُنبِّه على بعض الأخطاء والأوهام التي وقع فيها من سبقه من العلماء، وذلك حتى لا يغترَّ الطالب بهذه الأوهام والأخطاء.

ومن الشواهد الدالة على ذلك:-

١ - قوله في باب المبيّن في كتابه ((الإبهاج)) بعد ذكر قول البيضاوي: ((المبيَّن: وهو الواضح بنفسه أو بغيره مثل {والله بكلِّ شيءٍ عليم} (٦) و {واسأل القرية} (٧) ... )) (٨): ((جعلَ العَبريُّ ... والجاربرديُّ والإسفراييني وغيرهم من الشارحين قوله: {واسأل القرية} مثالاً للواضح بغيره، ... وهو وَهْمٌ؛ لأنه قسَّم ذلك الغير في المسألة الآتية إلى القول والفعل، وظاهرُ كلامه حَصْرُه فيهما؛ فلو كان هذا من أقسامه لم ينحصر في ذينك القسمين، إذ المبيِّن فيه ليس إلا العقل، وهو غير القول ... والفعل، والذي حملهم على ذلك أنهم لما رأوه قد مر قوله وبغيره، فوهموا أنه من باب اللف والنشر كذلك.)) (٩)


(١) ابن الحاجب، مختصر المنتهى (٢/ ١٣٨)
(٢) التاج السبكي، رفع الحاجب (٢/ ١٣٩)
(٣) انظر: البيضاوي، منهاج الوصول ص ٩٢
(٤) التاج السبكي، الإبهاج (٢/ ١٤٨)
(٥) التاج السبكي، رفع الحاجب (١/ ٥٢١)
(٦) سورة البقرة آية ٢٨٢
(٧) سورة يوسف آية ٨٢
(٨) البيضاوي، منهاج الوصول ص ١٣١
(٩) التاج السبكي، الإبهاج (٢/ ٢١٣)

<<  <   >  >>