للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - قوله بعد شرح قول ابن الحاجب: ((وأما الصحة والبطلان أو الحكم بهما فأمر عقلي)) (١).

قال التاج بعد ذلك: ((كذا قال [ثم قال:] وفيه نظر، والصواب عندنا أن الصحة والبطلان والحكم بهما أمور شرعية)) (٢) ثم بيَّن التاج السبكي تقريرَ كلامه ووَجْهَ الرد على كلام ابن الحاجب.

ثانياً: ذكر ردود ومناقشات منقولة عن غيره:

اتبع التاج السبكي في بعض الأحيان طريقةً في المناقشات حاصلها أنه يأتي بردود ومناقشات ذكرها غيره من العلماء، وهذه الردود إما أن يقرِّرها أو أن يَرُدها ويأتي بغيرها أو يَرُدها فقط مبيِّناً عدم وجاهتها في هذا المقام، وإليك الأمثلة لتوضيح كل ذلك:-

١ - قوله في مسألة المجاز بالذات هل يكون في الحرف أم لا، قال بعد نقل كلام للإمام الرازي مفاده أن الحرف إذا انضم إليه غيره مما ينبغي ضمه إليه كان حقيقة وإلا فهو مجاز في التركيب لا في المفرد، قال التاج السبكي معقبا على ذلك: ((وقد اعترضَ عليه النقشواني بأنَّ الحرفَ له مسمَّىً في الجملة إذ ما ليس له مسمَّىً فهو مُهْمل، والكلامُ في اللفظ الموضوع ... [إلى آخر اعتراض النقشواني ثم عقَّب عليه التاج السبكي قائلا:] هذا آخر كلام النقشواني وكلُّه منقدح حسن)) (٣). ففي هذا المثال اعترض التاج السبكي على قول الإمام عن طريق نقله كلام النقشواني، ونص التاج السبكي على صحة اعتراض النقشواني فيكون موافقا له.

هذا فيما إذا كان التاج السبكي موافقا للمعترض في اعتراضه، أما إذا لم يعجبه رَدُّ ما أو اعتراض، فإنه كان يرده ويبين فساده.

ومن الشواهد الدالة على ذلك:-

١ - قوله بعد تقرير جواب البيضاوي في الرد على القائلين بأنَّ الذم في أمثال قوله تعالى: {وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون} (٤) على التكذيب لا على مجرد ترك الأمر.

قال التاج السبكي بعد تقرير الجواب: ((هذا تقرير الجواب، واعترض النقشواني على الاستدلال بالآية من وجه آخر فقال: لا نُسلِّم أنه ذمهم على ترك الركوع فقط، بل ذمهم على كونهم بحيث لو قيل لهم اركعوا لا يركعون، والمراد أنَّهم غير قابلين للإنذار ونُصْح الأنبياء [إلى آخر الاعتراض، ثم عقَّب عليه التاج قائلا:] هذا اعتراضه وهو ضعيف، وجوابه ما ذكرناه من أن الظاهر أن الذم على ترك مدلول قوله: اركعوا، وما ذكره خروج عن حقيقة اللفظ من غير دليل)) (٥).

ففي هذا المثال ذكر لنا التاج السبكي اعتراض النقشواني، ثم ضعَّفه وبيّن جواب هذا الاعتراض بما يرده ويبين فساده.

٢ - وقوله بعد تقرير قول ابن الحاجب: ((قيل إنما هو نقضٌ لما توهَّمه عمر رضي الله عنه من إفساد مقدمة الإفساد ... )) (٦)


(١) ابن الحاجب، مختصر المنتهى (٢/ ١٨)
(٢) التاج السبكي، رفع الحاجب (٢/ ١٨)
(٣) التاج السبكي، الإبهاج (١/ ٣١٢)
(٤) سورة المرسلات آية ٤٨
(٥) التاج السبكي، الإبهاج (٢/ ٢٩)
(٦) ابن الحاجب، مختصر المنتهى (٤/ ٣٢٠)

<<  <   >  >>