للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - وقوله في مبحث الإيماء من مسالك العلل بعد ذكره أمثلة على الإيماء قال: ((وقيل إن قوله عليه الصلاة والسلام لما سأله عمر عن قبلة الصائم {أرأيتَ لو تمضمضت أكان ذلك مفسدا. فقال: ... لا} من ذلك، [ثم قال]: والحديث رواه أبو داود (١) والنسائي وضعَّفه أحمد، وقال النسائي: أنه منكر.)) (٢)

هذا وقد بلغ من دقة التاج السبكي في هذا المجال أنه إذا روي حديث ولم يكن يعرفه بعد البحث فإنه ينص على ذلك، فمن ذلك:-

قوله معقِّبا على حديث {اختلاف أمتي رحمة} (٣): ((واعلم أن الحديث المشار إليه غير معروف، ولم أقف له على سند، ولا رأيت أحدا من الحفاظ ذكره إلا البيهقي في رسالته إلى الشيخ العميد عميد الملك بسبب الأشعري وقد ساقها الحافظ ابن عساكر في ((التبيين)) (٤)، إلا أنّ البيهقي لم يذكر له إسنادا، بل قال روى النبي صلى الله عليه وسلم كذا.)) (٥)

وقوله على حديث: {خذوا شطر دينكم عن الحميراء} (٦): ((وهذا الحديث لا يعرف، وكان شيخنا أبو الحجاج المزي رحمه الله يقول: كل حديث فيه لفظ الحميراء لا أصل له إلا حديثا واحدا في النسائي.)) (٧)

ومن دقته أيضا أنه كان يستدرك على الأصوليين في تصحيحهم لبعض الأحاديث:

فمنها قوله معقبا على قول الإمام الجويني في ((البرهان)) بأنّ حديث معاذ في الاجتهاد بالرأي مدوَّن في الصحاح متفق على صحته (٨): ((قلت [أي التاج]: وهذا عجيب من إمام الحرمين، فقد قال إمام الصناعة أبو عبد الله البخاري لا يصح هذا الحديث، وقال الترمذي: ليس إسناده عندي بمتصل.)) (٩)

ثالثاً: من الشواهد الدالة على كلامه على رجال بعض الأحاديث:-

فمنها قوله في مبحث رد رواية المجهول: ((فإن قيل: قد قبلتم المجهول، وذلك أن عبد الرحمن ابن وعلة المصري، رجل مجهول، وقد روى عن ابن عباس أن النبي على الله عليه وسلم قال: {أيما إهاب دبغ فقد طهر} (١٠)، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه ذكر له حديثه هذا فقال: ومن ابن وعلة؟! قلنا: ليس ابن وعلة مجهولا، بل هو ثقة. روى عنه زيد بن أسلم ويحيى بن سعيد وغيرهما، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وروى له مسلم والأربعة (١١).)) (١٢)


(١) رواه في باب القبلة للصائم برقم ٢٣٨٥
(٢) التاج السبكي، رفع الحاجب (٤/ ٣٢١)
(٣) لم أجد حديثا بهذا النص
(٤) انظر، ابن عساكر، تبيين كذب المفتري، ص ١٠٦
(٥) التاج السبكي، الإبهاج (٣/ ١٨)
(٦) لم أجده حديثا بهذا النص
(٧) التاج السبكي، رفع الحاجب (٢/ ٢٠١)
(٨) الجويني، البرهان (٢/ ١٧)
(٩) التاج السبكي، الإبهاج (٣/ ١٢)
(١٠) رواه مسلم في كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ بلفظ إذا برقم ٨١٠، ورواه الترمذي في كتاب اللباس برقم ١٦٥٠ بلفظ أيما، والنسائي في كتاب الفرع والعتيرة بلفظ أيما أيضا برقم ٤١٦٨، وابن ماجه بنفس اللفظ في كتاب الفرع والعتيرة برقم ٣٥٩٩
(١١) انظر: الذهبي، ميزان الإعتدال في نقد الرجال (٤/ ٣٢٥)
(١٢) التاج السبكي، الإبهاج (٢/ ٣٢٠)

<<  <   >  >>