للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أن الشيخ أبا الحسن الأشعري والقاضي الباقلاني يعتبران الأمر النفسي بشيء معين نهياً عن ضده، وفي ذكره للقاضي بعد الأشعري لأنّ الأشعري متقدم عليه، وإشارةٌ إلى أنَّ القاضي متابع للأشعري في ذلك.

٢ - وكذلك في تقديمه للقاضي في القول الثاني المروي عنه وهو: أن الأمر بشيء معين متضمّنٌ النهيَ عن ضده، فقدم القاضي ثم ذكر أسماء العلماء الآخرين الذين تأثروا به في ذلك وذكرهم مرتبين زمنياً عبد الجبار يليه أبو الحسين البصري ثم الإمام الرازي فالآمدي، ومعلوم أن ترتيبهم هكذا هو الموافق لترتيبهم التاريخي.

رابعاً: الإشارة إلى وجود الخلاف، وإلى ضعف بعض الأقوال:

من عادة التاج السبكي في هذا المختصر الإشارة إلى وجود الخلاف في بعض المسائل أثناء عرضه للأقوال بحيث يمكن للمتأمل فيه أن يُدْرك ذلك، وقد أشار التاج السبكي في كتابه ((منع الموانع)) إلى أنه يشير بلفظ ولو إلى خلاف ضعيف فإن قويَ الخلافُ فإنه يصرّحُ به وقال: ((ونحن أبدا نشير بلفظ ولو إلى خلاف فإن قَويَ أو تحقَّق صرَّحنا به، وإلا اكتفينا بهذه الإشارة، فاعرف ذلك)) (١) وقال في موضع آخر: ((قد أشرت إليهما بقولي ولو ومن عادتي الإشارة به إلى خلاف ضعيف لا ينتهض بحيث يصرَّح بحكايته، أو احتمال خلاف وإن لم يوجد)) (٢).

ومن الشواهد الدالة على ذلك:-

١ - قوله: في مسألة التخصيص بمذهب الراوي: ((ومذهب الراوي ولو صحابيا ... لا يخصِّص)) (٣)

ففي هذا النص أمران:

الأول: أنّ المعتمدَ عند التاج السبكي أنَّ مذهب الراوي سواء أكان من الصحابة أو غيرهم لا يخصِّصُ العموم.

والثاني: أشارَ التاج السبكي إلى وجود خلاف في المسألة وهو خلافُ الحنفية في عمل الصحابي بخلاف ما روى، بقوله: ''ولو صحابيا '' وفي قوله ولو دلالةٌ عنده على ضعفِ هذا القول وسقوطه.

٢ - قوله في بيان عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: ((الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون لا يَصْدُرُ عنهم ذنبٌ ولو صغيرةً سهوا)) (٤).

ففي قوله '' ولو صغيرة '' إشارةٌ إلى وجود خلاف ضعيف بين العلماء في جواز الصغائر على الأنبياء (٥)، والمعتمد خلافه.

وأما إشارته إلى ضعف بعض الأقوال: فذلك يكون إذا عبر عنه بلفظ قيل فإن اشتد ضعفه عبر عنه بقوله زعم.

فمن النوع الأول قوله في حُجِّية الدوران في إفادته العلة: ((قيلَ لا يفيد، وقيل قطعي، ... والمختار وفاقا للأكثر ظني)) (٦) فها هنا أشار التاج السبكي إلى ضعف قولين هما:-

الأول: عدم إفادة الدوران للعلِّيَّة مطلقا.

والثاني: أنّه يفيد العلَّة قطعا.

وصرَّح باختيار الثالث وهو: كون إفادته للعلَّة ظنا.


(١) التاج السبكي، منع الموانع ص ٢٩١ وما بعدها
(٢) المصدر السابق ص ٣٦٩
(٣) التاج السبكي، جمع الجوامع ص ١٥٠
(٤) المصدر السابق ص ١٥٥
(٥) صرح بجواز الصغائر على الأنبياء سهوا، البيضاوي في المنهاج حيث قال:" الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصومون لا يصدر عنهم ذنب إلا الصغائر سهوا " انظر: البيضاوي، منهاج الوصول ص ١٥١، وانظر الأقوال في ذلك في الآمدي، الإحكام (١/ ١٤٥ - ١٤٦)
(٦) التاج السبكي، جمع الجوامع ص ١٧٦

<<  <   >  >>