للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - من المواضع التي استشهد فيها بكلام الله وأطلقه وكلام غيره مما ليس معروفا عند العرب أو حملة الشريعة وقيده كقوله في مسألة دلالة لو: ((والصحيح وفاقا للشيخ الإمام: امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه ... كـ {لو كان فيهما آلهةٌ إلا اللهُ لَفَسَدَتا} (١) ولا إن خَلَفه كقولك: لو كان إنسانا لكان حيوانا.)) (٢)

ففي هذا المثال: ذكر لنا التاج السبكي شاهدين على قوله الأول من كلام الله تعالى لذا أطلقه، والثاني من كلام غيره مما هو ليس من حملة الشريعة وإنما هو من كلام المناطقة لذا قيده بقوله كقولك.

المبحث السابع

منهجه في ذكر الفروع الفقهية

لقد أكثرَ التاج السبكي من ذكر الفروع الفقهية المبنية على المسائل الأصولية التي كان يطرحها، وهذا منهجٌ واضح جَليٌّ في أغلب مباحث شرحيه على ((المنهاج)) و ((المختصر))، وهذه الناحية هي التي تميَّز بها التاج السبكي عن غيره من الشراح، ذلك أن الشراح الآخرين لم يكن أيٌّ منهم يأتي بمثل هذه الغزارة من الفروع، وأما التاج السبكي فلا يمرُّ بمسألة أصولية ينبني عليها فروع فقهية إلا ذكرها وبيَّنها، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الفروع معظمها - إن لم تكن كلُّها - من فروع الفقه الشافعي، وأحيانا كنتُ أراه يأتي بفروعٍ لبيان ضعفها وردِّها وذلك تعريضاً بالفقهاء المخالفين للشافعي، سواء أكان ذلك في الأصول أم بالفروع، لذا كنت أجده يعقِّب المسألة بذكر بعض الفروع الفقهية المبنية عليها.

ومن الشواهد الدالة على ذلك:

١ - قوله بعد بيان الخلاف الوارد في مسألة الوجوب إذا نسخ بقي الجواز: ((واعلم أنّ خلاف الأصوليين في هذه يناظره اختلاف الفقهاء في أنه إذا بطل الخصوص هل يبقى العموم، وذلك فيمن صلى الظهرَ قبل الزوال، فإنها لا تنعقد ظهرا، وفي انعقادها نقلاً هذا الخلاف، ويضاهيه مسائل:

منها: إذا أحال المشتري البائع بالثمن على رجل ثم وجد بالمبيع عيبا، فالأصح أن الحوالة تبطل، وهل للمحتال قبضه للمالك بعموم الإذن الذي تضمنه خصوص الحوالة فيه هذا الخلاف.)) ثم أضاف فروعا أخرى يتجه بناؤها على الأصل المذكور فقال: ((ويتجه بناء فروع على هذا الأصل لم أرَ من بناها: ...

ومنها: إذا باع بلفظ السَّلَم، فإنه ليس بسَلَمٍ قطعاً وفي انعقاده بيعاً قولان أظهرهما لا، ... وبناهما الأصحاب على أنّ الاعتبار باللفظ، أو بالمعنى، ويتجه بناؤهما على هذا الأصل أيضا.)) (٣)


(١) سورة الأنبياء آية ٢٢
(٢) التاج السبكي، جمع الجوامع ص ١٤١
(٣) التاج السبكي، الإبهاج (١/ ١٢٨ - ١٢٩)

<<  <   >  >>