للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحافظ ابن حجّي يقول فيه: ((حصّل فنوناً من العلم، من الفقه والأصول وكان ماهراً فيه والحديث والأدب، وبرعَ وشاركَ في العربية، وكان له يد في النظم والنثر، جيّدَ البديهةِ، ذا بلاغة وطلاقة لسان، وجرأة جنان، وذكاء مُفرِط، وذهن وقّاد، وكان له قدرةً على المناظرة، وصنف تصانيف عديدة في فنون على صغر سنه وكَثرَة أشغاله، قُرِئت عليه، وانتشرت في حياته وبعد موته)) (١).

وقال عنه شيخ حفاظ الإسلام ابن حجر العسقلاني: ((أمعن في طلب الحديث، وكتب الأجزاء والطباق مع ملازمة الاشتغال في الفقه والأصول والعربية حتى مَهَرَ وهو شاب، وكان ذا بلاغة وطلاوة لسان، عارفاً بالأمور، وانتشرت تصانيفه في حياته، ورزق فيها السعد)) (٢).

وقال عنه ابن تغري بردي: ((قاضي قضاة دمشق وعالمها)) (٣).

وقال أيضاً: ((كان إماماً عالماً بارعاً فقيهاً نحوياً أصولياً ... وكان ذكياً صحيح الذهن، وبرع في الفقه وغيره، وأفتى ودرّس)) (٤)، وقال في موضع آخر: ((كان إماماً بارعاً متفنناً في سائر العلوم)) (٥).

ووصفه ابن هداية الله بقوله: ((كان فاضل أهل زمانه وناطح أقرانه، شديد الرأي قوي البحث يجادل المخالف في تقرير المذهب ويمتحن الموافق في تحريره، وبرع حتى عُدِم مثله في عصره، يرتحل إليه الطلبة من الآفاق)) (٦).

وقد مدحه ابن حبيب بقصيدة بعثها إليه عند قدومه إلى دمشق قاضياً عليها سنة ٧٦٠هـ، بعد أن أقام مدة في القاهرة معزولاً عن القضاء فقال:

قَدِمَ الغَمامُ فَمَرْحَباً بِقُدومِهِ ... ومَسَرَّةٍ بِخُصوصِهِ وعُمومِهِ

أَهَلاً بِغَيثٍ صَيِّبٍ أَثْرى الثَّرى ... بِنُزولِهِ واخْضَرَّ لَونُ هَشيمِهِ

أَهلاً بِغَوثٍ عارِفٍ يَهدي الوَرى ... بِالنُّورِ مِن أَعلائِهِ وعُلْويِّهِ

أَهلاً بِأَوْبَةِ حَاكِمِ مُتَثَبِّتٍ ... يَنْفِي عَنِ المَقْهُورِ ظُلْمَ خُصومِهِ

ويُؤَيِّدُ الشَّرعَ الذي يَقولُهُ ... ويَكُفُّ عَن ذي الحَقَّ كَفَّ غَريمِهِ

تاجُ العُلى مَعْنى الوُجودِ ولَفْظُهُ ... شَرَفُ الأُلى مَعْنى الزَّمانِ كَريمه

يُبْدي بُرُودَ الزَّهْرِ مِن مَنْثُورِهِ ... يُسْدي عُقُودَ الدُّرِّ مِن مَنْظومِهِ

يَسْمو بِبَيْتِ خَزْرَجيٍّ عامِرِ ... يُبْنَى الحَلالُ على قَواعِدِ خَيْمِهِ

بِمَسيرِهِ عَذُبَتْ مِياهُ النِّيلِ مِن ... فُسْطاطِ مِصْرَ وطابَ عُرْْْْْفُ نَسيمِهِ

والشّامُ لمّا شامَ بارِقَهُ غَدا ... يَخْتالُ في جَنَّاتِهِ ونَعِيمِهِ

والكَونُ أَضْحَى ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً ... بِإيابِ فَيّاضِ النَّوالِ عَمِيمِهِ

وبِزَعَفَرانِ الأُفْقِ راحَ مُخَلِّقاً ... والأُفْقُ زُيِّنَ فَرْحَةً بِنُجومِهِ

ومنها:

قَاضٍ لَهُ لَفْظٌ يَبِينُ الحَقَّ مِن ... مَنْطُوقِهِ الحالي ومِن مَفْهُومِهِ

وله التَّصَانيفُ التَّي لِلْفَضْلِ مِن ... أَوراقِها ثَمَرٌ زَها بِكُرومِهِ


(١) نقل هذا القول ابن قاضي شهبة في تاريخه (٣/ ٣٧٤)، وفي طبقات الشافعية (٣/ ١٤٢)
(٢) ابن حجر، الدرر الكامنة (٢/ ٤٢٦)
(٣) ابن تغري بردي، الدليل الشافي (١/ ٤٣٣)
(٤) ابن تغري بردي، المنهل الصافي (٧/ ٣٨٥)
(٥) ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة (١١/ ٨٦)
(٦) ابن هداية الله، طبقات الشافعية ص ٢٣٤

<<  <   >  >>