للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا ويُعدّ الإمام الآمدي صاحب مدرسة أصولية مستقلة ومتميزة، وأهم ما يميزها هو الميل إلى تحقيق المذاهب، والإكثار من تفريع المسائل، وكان الآمدي قد فعل مثل معاصره الإمام فخر الدين الرازي؛ حيث جمع الكتب الأربعة التي عليها المدار عند الأصوليين (١) في كتابه الضخم ((الإحكام في أصول الأحكام)) إلا أنّه امتاز عن الرازي بأنّه أكثرُ تحقيقاً للمذاهب والمسائل (٢).

ثم إنّ الآمدي قام باختصار كتابه ((الإحكام)) إلى ((منتهى السول في علم الأصول)) (٣)، وجاء من بعده تلميذه الإمام ابن الحاجب فاختصر كتابيّ شيخه ((المنتهى في الأصول))، و ((غاية الأمل في علم الجدل)) وجمعهما في كتاب واحد أسماه ((منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل)) (٤).

ولكنّ ابن الحاجب لما رأى ضعف الهمم وقصور الفهم؛ قام باختصار ((المنتهى)) إلى ((مختصر المنتهى)) وإلى ذلك يشير ابن الحاجب في مقدمة ((المختصر)) حيث يقول: ((فإنّي لما رأيت قصور الهمم عن الإكثار وميلها إلى الإيجاز والاختصار؛ صنَّفتُ مختصراً في أصول الفقه، ثم اختصرته على وجه بديع، وسبيل منيع، لا يَصدُّ اللبيب عن تعلمه صادٌّ ولا يَردُّ الأريب عن تفهُّمه رادّ.)) (٥)


(١) راجع ما ذكرناه عن هذه المصنفات عند الحديث عن منهاج البيضاوي.
(٢) انظر: مقدمة ابن خلدون (٢/ ٨١٧)
(٣) هذا ما تذكره أكثر المراجع، وقد حقق الدكتور حسن الشافعي ذلك وقام بإجراء مقارنة بين الإحكام والمنتهى توصل من خلالها إلى أن المنتهى مختصر فعلا للإحكام. انظر حسن الشافعي، الآمدي وآراؤه الكلامية ص ٧٠.
(٤) انظر: مقدمة ابن خلدون (٢/ ٨١٧) وحسن الشافعي، الآمدي وآراؤه الكلامية ص ٦٥. هذا وقد اختلفت المصادر في اسم هذا المختصر فبعضهم يسميه منتهى السول بدل منتهى الوصول، غير أن الذي وجدته في النسخة المطبوعة أن اسمه منتهى الوصول كذا ذكره ابن الحاجب نفسه في مقدمته وقد سماه بذلك أيضا الدكتور حسن الشافعي. انظر: منتهى الوصول ص٣، حسن الشافعي ص ٧٠. قلت: لعل تسميته منتهى الوصول أوجه، وذلك للتفرقة بينه وبين منتهى الآمدي وهو الذي نص عليه ابن الحاجب نفسه في مقدمة كتابه المطبوع، والله أعلم.
(٥) ابن الحاجب، مختصر المنتهى (١/ ٢٩)

<<  <   >  >>