للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقاضٍ: ماذا نستفيد؟ قاضٍ ما نوعه؟ اسم منقوص، يعني: آخره ياء ساكنة لازمة قبلها كسرة، تنوينه هل هو تنوين تمكين أو عوض عن حرف؟ قولان: والصحيح أنه تنوين تمكين، وأن الياء إنما حذفت تخلصاً من التقاء الساكنين، أصل قاضٍ: جاء قاضيٌ هذا الأصل، سكنت الآية دفعاً لثقل الضمة، فقال: جاء قاضي .. لما نون:

ونَوِّنِ المُنَكَّرَ المَنقُوصَا ... في رفعهِ وجرّهِ خُصُوصَا

لما نون فالياء ساكنة، والنون التي هي التنوين، قلنا: نون ساكنة فالتقى ساكنان، الياء والنون، الأصل في التخلص من التقاء الساكنين أن يحرك الأول بالكسر على الأصح، هذا الأصل، أليس كذلك: ((قُمِ اللَّيْلَ)) [المزمل:٢] حركناه بالكسر ولم نحذف الميم، لكن هنا يتعذر تحريكه، لماذا؟ لأننا أسقطنا حركة الإعراب الأصلية التي هي الضمة، فحينئذٍ لما أسقطنا حركة الإعراب الأصلية فمن بابٍ أولى وأحرى ألا نحركه بحركة عارضة، لو أردنا أن نحركه بكسرة، فنقول: الأولى أن نأتي بالضمة؛ لأن الضمة أسقطناها، لماذا؟ دفعاً للثقل، فالياء ثقيلة لا يظهر عليها لا ضمة ولا كسرة، فتثقل الضمة وتثقل الكسرة نطقاً في الياء أو على الياء، فحينئذٍ لما أسقطنا الضمة دفعاً للثقل وهي أصلية، حركة إعراب، فمن بابٍ أولى وأحرى ألا نحركه بكسرة عارضة ليست بأصلية، فإذا أسقطنا الحركة الأصلية فمن بابٍ أولى أن نسقط الحركة الفرعية، فننتقل إلى الطريق الثاني في التخلص في التقاء الساكنين:

تعذر الأول وهو تخلص الأول، ننتقل إلى الثاني: وهو حذف حرف العلة، وهذا يشترط في جواز حذفه أمران:

الأول: أن يكن حرف علة، لا يكون صحيحاً.

الثاني: أن يبقى دليلاً يدل عليه ككسرة على الياء، وضمة على الواو، وفتحة على الألف، وهذه موجودة في قاضي، الياء حرف علة وما قبله مكسور، فقلت: قاضٍ، إذاً: النون هذه نقول: تنوين تمكين، وليس تنوين عوض عن حرف، لماذا؟ لأن الحرف إنما حذف هنا لعلة صرفية، وهي: التخلص من التقاء الساكنين، والقاعدة عند الصرفيين: أن المحذوف لعلة صرفية كالثابت، ويدل على ذلك أن التنوين يجامع الياء في حالة النصب: رأيت قاضياً، لماذا لم تحذف الياء؟ لأنها محركة، حذفنا الياء في قاضٍ، جاء قاضٍ، ومررت بقاضٍ لوجود التعارض، التقى عندنا ساكنان، الياء والتنوين: قاضيَ تحركت الياء بالفتحة، هل عندنا التقاء ساكنين؟ الجواب: لا، إذاً: لانتفاء العلة لم تحذف الياء، هذا يدل على ماذا؟ على أن الياء المحذوفة في قاضٍ رفعاً وجراً إنما هو للتخلص من التقاء الساكنين، فلما لم يوجد ساكنان في –قاضياً-، في حالة النصب بقيت الياء على أصلها، فلما بقيت الياء على أصلها ونونت الكلمة دل على أن هذا التنوين ليس عوضاً عن الحرف؛ لأنه ليس محذوفاً.

ثم: قاضٍ، ليس مبنياً ولا مشابهاً للفعل بأن يكون ممنوعاً من الصرف، فرجع إلى الأصل في الاسم: الأصل في الاسم ألا يشبه الحرف ولا الفعل، فحينئذٍ رجعناه إلى أصله.

إذاً: تنوين قاضٍ تنوين تمكين لا عوض عن الياء المحذوفة بدليل ثبوت التنوين مع الياء في حالة النصب.