للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذن: ظاهرُ النصِ التشبيه، لم يفهموا من المجيء (وَجَاءَ رَبُّكَ) جاء فعل، وربك فاعل، مثل: (جاء زيد)، مجيءُ زيد الثابت برجلين إلى آخره .. هو الذي أُثبت هنا في هذا الظاهر، حينئذٍ هذا ممتنعٌ، إذن لا بدّ من تأويله، هم يقولون: تأويل، ونحن نقول: تحريف، لا بدّ من تأويهل فعدلوا إلى القول بالمجاز، إذن المجاز متى جاء؟ ليس ابتداء من قوله: وَجَاءَ رَبُّكَ، ليست سذاجة هي، (وَجَاءَ رَبُّكَ) ابتداء أنه مجاز، ما قالوا بهذا لا أشعري ولا ماتُريدي ولا جهمي ولا معتزلي، إنما قالوا: ظاهرُ هذا النص التشبيه، وقد قال تعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) [الشورى:١١] إذن إذا أردتَ أن تنسفَ المجاز ردّاً على ما هو ظاهره التشبيه أخطأت، وإنما تقفُ معهم وقفةً أوليةً تقول: ليسَ ظاهر النصوص التشبيه، فالذي فهمتَه (وَجَاءَ رَبُّكَ) كجاء زيد! هذه حماقة، لا يمكن أن يُوصَف المجيء المثبت للرب جلّ وعلا وهو الخالق كالمثبت للمخلوق، يعني إذا قلت: (وَجَاءَ رَبُّكَ) .. جاء الذباب؟ هل تفهمُ منه المجيء الذي ثبت لزيد؟ هو نفسه المحرف، إذا قال: وَجَاءَ رَبُّكَ لم أفهم منه إلا مجيء زيد، نقول: وجاء السحاب، وجاء الذباب وجاء النمل .. إذن لكل فاعل من هذه الفاعلين نقول: له مجيءٌ يختصُّ به، فلا يُفهم من قوله: (وَجَاءَ رَبُّكَ) أن المجيء هو المجيء الذي ثبتَ لزيد، حينئذٍ لا يُنكَر حذفُ المضاف وهو مجازٌ على القول به؛ لا يُنكر من أجل هذا دفعاً له! لا، وإنما قد تنكرُهُ لأنه لم يثبت عندَك في لسان العرب أو كذا، أما من أجل دفع بدعة الأشاعرة والمعتزلة هذا ضعيف ليس بصحيح، ولا نجعله طاغوتاً ونردّه إلى آخره، نقول: هذا ليسَ له وجه، وإنما يُردّ الأصل الذي اعتمدُوا عليه وهو: أن ظاهر النصوص التشبيه .. مماثلة، نقول: هذا مردودٌ بقوله: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) [الشورى:١١] والاشتراك إنما يكون في المعنى الكلي الذي يكون في الذهن فحسب، فالمجيءُ مِن حيث هو مجيء هذا مشترك، يدخلُ فيه مجيءُ الربِّ جل وعلا ومجيُء المخلوق سواء كان عاقلاً أو لا يعقل، ثم إذا أُضيف .. نُسِب إلى معين، إن كان خالقاً فاختصّ به المجيء، لا يشبهه مجيءُ المخلوقين، وإذا أضفتَه إلى مخلوق يعقل اختصَّ به، إذا أضفتَه إلى مخلوق لا يعقل اختصّ به.

فالاختصاصُ حاصِلٌ متى؟ بعد الإضافة، وأما قبلَ الإضافة فهو قدر كلي وجوده وجود ذهني، وَجَاءَ رَبُّكَ هنا يقولون: أي أمر ربك! يُقال له أنه فاسد، ليسَ ظاهر النص هو ما ذكروه.

نقف على هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!