للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

((إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا)) [الزلزلة:١] هذه واحدة، ((وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا)) [الزلزلة:٢] هذه ثانية، ((وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا)) [الزلزلة:٣] ((يَوْمَئِذٍ)) [الزلزلة:٤] حذفت ثلاث جمل، وجيء بالتنوين عوضاً عنها، ((يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ)) [الزلزلة:٤] يومئذ زلزلت الأرض وما عطف عليه تحدث، حينئذٍ هذا التنوين يعتبر عوضاً عن جمل، وما ذكره الشارح مثالاً يعتبر عوضاً عن جملة واحدة، وهو اللاحق لإذ.

فإنه عوض عن الجملة التي تضاف إذ إليها، فإن الأصل يومئذ كان كذا كما ذكرناه سابقاً، فحذفت الجملة جوازاً للاختصار، وهي القاعدة كبرى كما ذكرنا، وعوض عنها التنوين، وكسرت إذ لالتقاء الساكنين، كما كسرت صهٍ ومهٍ عند تنوينهما.

ومثل: إذ: إذا، من أنها تحذف الجملة بعدها، ويعوض عنها التنوين: ((وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ)) [النساء:٦٧] .. إذاً لأمسكت، وتقول لمن قال: غداً آتيك: إذاً أكرمك .. إذ أتيتني أكرمك، إذا .. هذا الأصل، إذا أتيتني أكرمك، إذاً أكرمك، حذف الجملة من باب الاختصار، إذاً: أكرمك بالرفع، أي: إذا أتيتني أكرمك فحذفت الجملة وعوض عنها التنوين، وحذفت الألف لالتقاء الساكنين، إذاً، أصلها: إذا، لما نونت صار: إذان، هذا الأصل، الألف والنون تنوين ساكنة، أليس كذلك؟ حرفان، الألف ليست قابلة للتحريك .. لا يمكن تحريكها، والنون ساكنة، إذاً: لا بد من حذف أحدهما، أيهما أولى بالحذف؟ القاعدة: أنه إذا دار الحذف بين حرف مبنى وحرف معنى، فحذف حرف المبنى مقدم؛ لأنه لو حذف حرف المعنى لما دل عليه شيء، وأما حذف حرف المبنى فهذا يدل عليه اللفظ باعتبار أصله.

وحذفت الألف لالتقاء الساكنين، وليست إذاً في هذه الأمثلة الناصبة للمضارع لأن تلك تختص به، وكذا عملت فيه، وهذه لا تختص به بل تدخل عليه وعلى الماضي وعلى الاسم .. ((وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ)) [النساء:٦٧] .. ((إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ)) [الإسراء:١٠٠] إذاً أكرمك، هذه ليست خاصة بالفعل المضارع حتى نقول: هي الناصبة.

والثالث .. النوع الثالث: عوض عن كلمة، وهذا خاص ببعض الكلمات التي التزمت الإضافة إلى المفرد، مثل: كل وبعض، كل: هذا لفظ مفرد، ملازم للإضافة إلى المفرد كذلك: ((وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ)) [الإسراء:١٣] هذا هو الأصل فيه، وكل إنسان .. كل: ملازم للإضافة للفظٍ مفرد: إنسان، ولا يضاف إلى الجملة كما سيأتي في محله، حينئذٍ قد يحذف هذا المفرد المضاف إليه، ويعوض عنه التنوين: ((قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ)) [الإسراء:٨٤] .. ((وَكُلّاً ضَرَبْنَا)) [الفرقان:٣٩] .. ((وَكُلّاً تَبَّرْنَا)) [الفرقان:٣٩] نقول: هذه كلها عوض عن مضاف إليه، وهو مفرد، وكذلك بعض ملازم للإضافة، ((تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)) [البقرة:٢٥٣]، والأصل: على بعضهم، لكن لكونه ذكر أولاً للاختصار حذف من الثاني: ((تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)) [البقرة:٢٥٣] الأصل أن يقول: على بعضهم، لكن حذف المضاف إليه وعوض عنه التنوين، وهذا التنوين نقول: عوض عن كلمة، وهو تنوين كل وبعض عوض عما يضافان إليه.