للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جامدٌ مؤول بالمشتق، وجامد غير مؤول بالمشتق، وعطف البيان الأصل فيه أن يكون جامداً محضاً، وقد يقع مشتقاً بشرط أن يكون مسماً به، الصديق .. قال أبو بكرٍ الصديق، الصديق: هذا عطف بيان، طيب! كيف عطف بيان هو فِعِّيل من صيغة المبالغة وهو مشتق؟! نقول: كونه فِعِّيلاً قَبل نقله وجعله لقباً، قال عمر الفاروق، فاروق: فاعول، فهو مشتق، حينئذٍ كيف وقع مشتقاً وهو عطف بيان، وعطف البيان لا يكون إلا جامداً؟! نقول: كونه مشتقاً قبل جعله علماً، وهذا بيَّناه سابقاً وقلنا: هذا مثله مثل الأعلام التي تكون مشتقة، صالح! يُسمى صالح وليس بصالح، نقول: كونه صالحاً قبل جعله علماً، وأمَّا صالح بعد جعله علماً فهو كزيد، زيد لا يدل على معنى، كذلك الأسماء التي في الأصل هي مشتقة سواء كان اسم فاعل .. اسم مفعول .. فعيل إلى آخره.

فإذا كان كذلك حينئذٍ إذا جُعِلَ علماً سُلِبَ منه المعنى الذي كان قبل العلمية.

إذاً: عطف البيان المراد به هنا: تَابِعٌ شِبْهُ الصِّفَةْ، وحَقِيقَةُ القَصْدِ بِهِ مُنْكَشِفَهْ إذا قلنا: أنها تابعة .. داخلٌ في الحد أولى، على الخلاف الذي ذكرناه والأولى ما ذكره ابن هشام في قطر الندى.

عطف البيان، قال أبو حيان: " سُمي به لأنه تكرار الأول لزيادة البيان، فكأنك رددته على نفسه، بخلاف النعت والتوكيد والبدل " وقيل: سُمي عطف بيان أو عطف لأن أصله هو العطف، فأصل: جاء أخوك زيدٌ وهو زيدٌ هذا الأصل، لكن هذا يحتاج إلى دليل، جاء زيدٌ أخوك، أو جاء أخوك زيدٌ، أصل زيد وهو زيدٌ فحذفت الواو ثم الضمير، وهذا لا دليل عليه.

والكوفيون يسمونه: الترجمة، وهو الجاري مجرى النعت في تكميل متبوعه توضيحاً في المعارف، نحو: جاء أخوك زيد، جاء: فعل ماضي، وأخوك: فاعل، وزيد: عطف بيان، لأنك إذا قلت: جاء أخوك، أخوك من زيد أو عمرو أو خالد، إذا كان عنده عدة إخوة؟ فإذا قلت: جاء أخوك زيدٌ رجعت إليه، انظر جاء أخوك، ثم رجعت فبيَّنت من هو هذا أخوه؟ فقلت: زيدٌ، إذاً: حصل توضيح أو لا؟ حصل توضيح، هذا واضح بيِّن. وتخصيصاً في النكرات: ((مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ)) [النور:٣٥] شجرة مباركة نكرة هذا، يحتمل الزيتونة وغيرها، زيتونةٍ: خصها، مثلما تقول: جاءني رجلٌ، ثم تقول: طويلٌ، خصصته.

وتخصيصاً في النكرات، نحو: ((مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ)) [النور:٣٥] وقيل: توكيداً، وهذا قلنا: ضعيف، في المكرر بلفظٍ نحو: لقائل يَا نَصرُ نَصرٌ نَصراً، قال ابن مالك: الأولى عندي جعله توكيداً لفظياً وهذا أولى وهذا الظاهر، لأن عطف البيان حقه أن يكون للأول به زيادةٌ ووضوح، وتكرير اللفظ لا يتوصل به إلى ذلك، هذا شيء آخر أيضاً، يعني: إذا قيل: بأنه اتحد معه في اللفظ، هذا الأصل في التوكيد اللفظي، ثم زد على ذلك: أن الأصل في عطف البيان أن يكون موضحاً: (حَقِيقَةُ القَصْدِ بِهِ مُنْكَشِفَهْ) وإذا كرر اللفظ بعينه هو هو: جاء زيد زيد، هل حصل توضيح؟ ما حصل، هذا مثله .. هذا جيد.