للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَالأَمْرُ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ افْعَلْ فَلاَ ... تَنْصِبْ جَوَابَهُ وَجَزْمَهُ اقْبَلاَ

ما المراد؟ هذا شرح لبيان قوله: (بَعْدَ نَفْيٍ أَوْ طَلَبْ مَحْضَيْنِ) قلنا المُراد بالطَّلب المحض .. الأمر: أنْ يكون بصيغة (افعل) هنا قال: (وَالأَمْرُ إنْ كَانَ بِغير افْعَل) بغير صيغة (افْعَلْ)، (فَلاَ تَنْصِبْ جَوَابَهُ) خلافاً لمن أجازه، فَلاَ تَنْصِبْ جَوَابَهُ مع الفاء كما تَقدَّم.

(وَجَزْمَهُ اقْبَلاَ) يعني: إذا منَعْنَا: صه فَنُكْرِمَك، لا نَمنع: صه أُكْرِمْك، لأن الأمر هنا غير مَحض، لو أسقطنا الفاء وقصدنا الجزاء هل يصح الجزم؟ نعم، قال: (وَجَزْمَهُ اقْبَلاَ) اقبل جزمه ولو منعنا نصبه، لأنَّه قال: (فَلاَ تَنْصِبْ جَوَابَهُ) فلا يُفْهَم منه أنَّه إذا أسقطت الفاء فقلت (صه) وقصدت الجزاء (نُكْرِمْك) أنَّه لا يصح، لا، بل يصح.

ومعنى كون الطلب محضاً: أن يكون بصريح الفعل الدَّال على الطلب بوضعه، فإن كان الطَّلب بالمصدر نحو: ضرباً زيداً فَيَسْتَقِيمُ أمرُه، رَفَعْتَ، (فَيَسْتَقِيمَ) نقول: لا يصح، (فَيَسْتَقِيمُ) على الرَّفع هذا هو الصواب، أو كان باسم الفعل نَحو: صه فَنُكْرِمُك، وَنَزَالِ فَنُكْرِمُك، أو كان الطَّلب بما وضع للدَّلالة على الخبر: حسبك الحديثُ فينامُ الناس.

حينئذٍ نقول: يَجب فيه الرَّفع، لماذا؟ لأنَّ شرط الأمر: أن يكون بصيغة (افْعَلْ) الصريح .. الموضوع: ائتني، حينئذٍ نقول: إذا جاء باسم فعل الأمر، سواءٌ كان مشتقاً أو جامداً: صه فَنُكْرِمُك .. نزال فَنُكْرِمُك، نقول: في المعنيين حينئذٍ لو كان فيه معنى الفعل مع حروفه، أو معنى الفعل وحروفه كذلك لا ينصب الفعل بعد الفاء.

وكذلك إذا كان جواباً لمصدر: ضرباً زيداً فَيَسْتَقِيمُ أمره، يعني: اضرب زيداً ضرباً فَيَسْتَقِيمُ أمره، وقع في جواب الطلب لكنه بالمصدر النائب عن الفعل، كذلك لا ينصب الفعل، لأنَّه ليس بصريح .. ليس بمحضٍ، وكذلك إذا كان في جواب جملة في اللفظ هي خبرية وفي المعنى هي إنشائية يعني: أمر حينئذٍ لا ينصب.

(وَجَزْمَهُ اقْبَلاَ) عند حذفها، قال في (شرح الكافيَّة): " بإجماع وذلك نحو قوله تعالى: ((تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ)) [الصف:١١ - ١٢] " (يَغْفِرْ) هذا في جواب (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) كيف هذا؟ لأنَّه خبر في معنى الأمر: آمنوا بالله ورسوله يَغْفِرْ لَكُمْ، (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ) نقول: هذا خبرٌ في اللفظ لكنَّه في المعنى طلب .. أمر، آمنوا بالله وجاهدوا .. آمنوا وجاهدوا .. (يَغْفِرْ) إذاً: وقع في جواب الطلب لكنَّه خبرٌ لفظاً ومن جهة المعنى هو أمرٌ، هل يجوز النصب؟ لا يجوز النصب، لأنَّه ليس محضاً.

ومثله: اتَّقَى اللهَ امْرُؤٌ فعل خيراً يُثَبْ عليه، لأنَّه في قوة: لِيَتَّقِ وليفعل يُثَب، إذًا: (يُثَب) هذا في جواب الأمر، لكنَّه معنىً لا لفظاً.

ومَكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي اثْبُتي مكانك، (مكانك) هذا اسم فعل.