للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال هنا الشَّارح: " يجوز أن يُنْصَب بـ (أَنْ) محذوفةً أو مذكورةً بعد عاطفٍ تَقدَّم عليه اسمٌ خالصٌ، أي: غير مقصودٍ به معنى الفعل، وذلك كقوله:

ولُبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عَيْنِي ... أَحَبُّ إِليَّ مِن لُبْسِ الشُّفُوفِ

(لُبْسُ) هذا مصدر، و (تَقَرَّ) (تَقَرَّ) فعلٌ مضارع وقع بعد واوٍ وهي عاطفة، وعطفت الفعل المضارع على (لُبْسُ)، و (لُبْسُ) هو مصدر.

إذاًَ:

وَإنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ ..

فعلٌ مضارع عُطِف على (اسْمٍ خَالِصٍ)، وهنا عُطِف على (لُبْسْ)، إذاً: يجوز فيه الوجهان، (وَتَقَرَّ) بحذف (أنْ): وأنْ تَقَرَّ .. يجوز إظهارها، فـ (تَقَرَّ) منصوبٌ بـ (أنْ) محذوفة وهي جائزة الحذف، لأنَّ قبله اسم صريحاً وهو (لُبْسُ) وكذلك هذا بعد الواو.

إِنِّي وَقَتْلِي سُلَيْكاً ثُمَّ أَعْقِلَهُ ..

(أَعْقِلَهُ) فعل مضارع وقع بعد (ثُمَّ) وعُطِف على المصدر (قَتْلِي)، إذاً: جاز فيه الحذف، ويجوز الذِّكْر، يعني: ثُمَّ أنْ أَعْقِلَهُ .. ثُمَّ أَعْقِلَهُ، فـ (أَعْقِلَهُ) منصوبٌ بـ (أَنْ) محذوفةٌ وهي جائزة الحذف، لأنَّ قبله اسماً صريحاً وهو (قَتْلِي) وهو مصدر.

لَوْلاَ تَوَقُّعُ مُعْتَرٍّ فأُرْضِيَه ..

وقع بعد الفاء (فأُرْضِيَه) .. فأنْ أرضيه، عَطفٌ على (تَوَقُّعُ) وهو مصدر، (فأُرْضِيَهُ) منصوبٌ بـ (أن) محذوفةً جوازاً بعد الفاء، لأنَّ قبلها اسماً صريحاً وهو (تَوَقُّعُ).

وكذلك قوله تعالى بعد (أو): ((وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً)) [الشورى:٥١] (يُرْسِلَ) بالنصب بـ (أَنْ) مضمرةً جوازاً بعد (أوْ) العاطفة على المصدر، أين هو؟ (إِلاَّ وَحْيًا) أو إرسالاً فـ: (يُرْسِلَ) بقراءة غير نافع بالنصب عطفاً على (وَحْيًا)، (يُرْسِلَ) منصوبٌ بـ (أنْ) الجائزة الحذف، لأنَّ قبله (وَحْيًا) وهو اسمٌ صريح.

فإن كان الاسم غير صريح، أي: مقصوداً به معنى الفعل لم يجز النصب، نَحو: الطائر فيغضب زيدٌ الذباب - كالمثال السابق هناك - (الطائر) هذا مبتدأ، (الذباب) خبر، (فيغضب) (يغضب) هذا فعل مضارع وقع بعد فاء عاطفة عطفت (يغضب) على (الطائر) هل هو اسمٌ خالص؟ ليس اسماً خالصاً، اسم فاعل: الذي يطير، إذاً: فيه معنى الفعل ليس خالصاً من شائبة الفعل، إذاً: لا يجوز النَّصب، فلا يقال: (فَيَغْضَبَ) ممنوعٌ هذا، (فَيَغْضَبُ) يجب رفعه، لأنَّه معطوفٌ على (طائر) وهو اسمٌ غير صريح، لأنَّه واقعٌ موقع الفعل من جهة أنَّه صِلةٌ لـ (أل)، وحقُّ الصِّلة أن تكون جملة، فَوُضِع (طائر) موضع (يطير) والأصل: الذي يطير، فلما جيء بـ (أل) عُدِل عن الفعل إلى اسم الفاعل لأجل (أَلْ) لأنها لا تدخل إلا على الأسماء.

وَشَذَّ حَذْفُ أَنْ وَنَصْبٌ فِي سِوَى ... مَا مَرَّ فَاقْبَلْ مِنْهُ مَا عَدْلٌ رَوَى

يعني: (حَذْفُ أَنْ) مع النصب في غير المواضع العشرة المذكورة في واجبة النصب وجائزة النصب شاذٌّ لا يُقبل منه إلا ما نقله العدول سماعاً ولا يقاس عليه، وأفْهَمَ كلامه: أنَّ ذلك مقصورٌ على السماع لا يجوز القياس عليه، لأنَّه قال: