للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لماذا نبه الناظم عليه؟ نقول: نبه عليه لئلا يتوهم أنه ضمير، ليس ببعيد، كما قيل في غلام، قال: (ذاك)، الكاف هذا ضمير، نبه عليه لئلا يتوهم أنه ضمير كما هو في نحو (غلامك)، ولحق الكاف للدلالة على الخطاب، لحق الكاف اسم الإشارة يعني للدلالة على الخطاب، وعلى حال المخاطب من كونه مذكراً، أو مؤنثاً مفرداً أو مثنىً أو مجموعا، يعني: خطاب هذا يدل (ذاك ذاك) (ذاكما ذاكم) كما سيأتي، وقلنا هي حرف لأنها لو كانت اسماً لكان اسم الإشارة مضافاً واللازم باطل، لو قلنا: (ذاك) الكاف هذه اسم حينئذٍ (ذا) مضاف، (والكاف) مضاف إليه وهذا باطل، لماذا هو باطل؟ لأن اسم الإشارة لا يقبل التنكير بحال.

إذاً وَلَدَى البُعْدِ: المرتبة البعيد البعيد التي تلي القريب عند الناظم: انطقاً بـ (الكاف) -بمسمى الكاف- حال كونه حرفاً لمجرد الخطاب، أي انطق بـ (الكاف) محكوماً عليه بالحرفية، وهذا محل وفاق.

دُونَ لاَمٍ أَوْ مَعَهْ: يعني: انطق بـ (الكاف) حرفاً مع اللام أو دون اللام، فماذا تقول؟ تقول: (ذاك، وذلك) ذاك اسم إشارة اتصل به الكاف وهو حرف، فقلت (ذاك)، (ذلك) باللام أو معه. دُونَ لاَمٍ أَوْ مَعَهْ فيلتحق هذا الكاف باسم الإشارة.

دون لام: وهي لغة تميم، دون لام (ذاك) أو معه يعني: مع اللام، وهي لغة أهل الحجاز، إذا قيل: تميم مباشرة يقابله أهل الحجاز.

دُونَ لاَمٍ أَوْ مَعَهْ: فقل: (ذاك) أو (ذلك) واختار بن الحاجب أن (ذاك) ونحوه للمتوسط، إذاً هذا مبني -كلام الناظم- في التسوية بين الكاف واللام، أنهما في مرتبة واحدة خلافاً للجمهور.

الجمهور يقولون: ما كان مجرداً عن اللام والكاف للمرتبة القربى، وذو الكاف فقط، للوسطى، وذو اللام للبعدى، وهنا سوى بين الثنتين بالكاف دون لام أو معه، إذاً (ذاك وذلك) في مرتبة واحدة، والجمهور على أن ذاك للوسطى، وذلك للبعدى.

لا خلاف أن المجرد من اللام والكاف للقريب، اتفقوا عليه، (ذا) نقول هذا للقريب، ثم اختلف فقيل ما فيه الكاف وحدها أو مع اللام كلاهما للبعيد، -الذي ذكره الناظم- ما كان بالكاف وحدها أو باللام معها، أنه للبعيد، لأن المرتبة عنده ثنتان فحسب، قُرْبَى، وبُعْدَىَ، ثم اختلف فقيل: ما فيه الكاف وحدها الذي أشار إليها بقوله: دون لام، أو مع اللام -أو معه- كلاهما للبعيد وهذا اختيار الناظم رحمه الله تعالى وليس للإشارة سوى مرتبتين، صححه ابن مالك واحتج له بماذا؟ احتج له بأن المشارَ شبيه بالمنادى، لأن المشار إليه هذا أشبه ما يكون بشيء محسوس، بل هو محسوس والمنادى كذلك يكون شيئاً محسوساً، فهو أشبه ما يكون بالمنادى.