للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذاً: تعدى إلى ثلاثة أصل الأول هو الفاعل، والثاني والثالث هما مفعولا علم، حينئذٍ كل ما تعلق بباب علم ومفعوليه يكون للثاني والثالث دون الأول، يعني: الإلغاء السابق والتعليق ونحو ذلك من حيث الحذف -جوازه اختصاراً واقتصاراً حذف أحد المفعولين أو هما معاً- كل تلك الأحكام تتعلق بالثاني والثالث دون الأول، لماذا؟ لأن الثاني والثالث هما مفعولا علم في الأصل، هما المبتدأ والخبر، وهذه الجملة كأصلها أعلم تدخل على جملة المبتدأ والخبر، فحينئذٍ يبقى الحكم مستصحباً حتى بعد دخول الهمزة، وأما الأول فهذا لا، هذا صار عمدة، صار مفعولاً أول، قبل دخول همزة النقل هو فاعل، فحينئذٍ لا يتعلق به لا إلغاء ولا تعليق ولا حذف -لا حذف اقتصاراً ولا اختصاراً- ولا غير ذلك، وإنما الحكم يكون منصباً على المفعول الثاني والثالث.

إِلَى ثَلاَثَةٍ رَأَى وَعَلِمَا ... عَدَّوْا إِذَا صَارَا أَرَى وَأَعْلَمَا

أشار بهذا الفصل إلى ما يتعدى من أفعال إلى ثلاثة مفاعيل، فذكر سبعة أفعال، الأصل فيها (أعلم وأرى)، وأما ما عداها فهي محمولة عليها، وإلا الأصل هو فعلان، بعضهم اختصر أو اقتصر على هذين الفعلين، وما عداهما محمولة بالقياس؛ لأنه سيأتي أنها ما عديت إلا باستعمالها بصيغة المبني للمجهول.

أعْلَمَ وَأَرَى فذكر أن أصلهما علم ورأى، وأنهما بالهمزة يتعديان إلى ثلاثة مفاعيل؛ لأنهما قبل دخول الهمزة عليهما كانا يتعديان إلى مفعولين: علم زيدٌ عمراً منطلقاً، ورأى خالدٌ بكراً أخاك، فلما دخلت عليهما همزة النقل زادتهما مفعولاً ثالثاً، هذا المفعول الأول هو الفاعل، هو الذي كان فاعلاً بهما قبل دخول الهمزة, والثاني والثالث هما اللذان كانا منصوبين بهما وهما المبتدأ والخبر، فإذا دخلت عليهما الهمزة، قلت: أعلمتُ زيداً عمرواً منطلقاً، وأريت خالداً بكراً أخاك، وهذا هو شأن الهمزة؛ أنها تصير ما كان فاعلاً مفعولا، وما كان لازماً متعدياً، وما كان متعدياً إلى واحد متعدياً لاثنين، وما كان متعدياً إلى اثنين صار متعدياً إلى ثلاثة.

وَمَا لِمَفْعُولَيْ عَلِمْتُ مُطْلَقَا ... لِلثَّانِ وَالثَّالِثِ أَيْضاً حُقِّقَا