للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

- نعم، كل من عرف الكلام: بأنه لفظ مفيد، لا بد وأن فيه ثم خلل؛ لأنه أراد أن يعرف على طريقة المناطقة والحكماء، حينئذٍ لا بد من الإيضاح؛ ولذلك يسمى التعريف والحد: قولاً شارحاً، يعني: قولاً شارحاً وموضحاً ومبيناً لأجزاء الماهية أركانها، فلا بد أن يأتي بالأركان نصاً، فيقال: الكلام: هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، هذه كلها أركان، لا بد من وجودها كاملةً، لفظ مركب مفيد بالوضع، إن تخلف واحد منها تخلفت الماهية .. ماهية الكلام.

إذاً: لا بد من النطق به، فإذا اختصر حينئذٍ نقول: دلالة الالتزام التي ادعها من ادعاها، هذه مهجورة في التعاريف، حينئذٍ لا يلتفت إليها، وخاصةً يؤكد هذا المعنى أن التعاريف إنما يعرف بها الاصطلاحات، يعني: معنى الكلام .. معنى الكلم .. الكلمة، والعام والخاص، المطلق .. الصلاة .. الزكاة، ونحو ذلك، نقول: هذه يسأل عنها من يجهلها، ولذلك يقال: ما العام .. ما المطلق بـ ما الاستفهامية؟ حينئذٍ إذا قيل: ما العام؟ فالسائل الأصل فيه أنه جاهل، وإذا عرف شيء إنما يعرف لمن يجهل لا لمن يعلم، أليس كذلك؟

نقول: ما الصلاة؟ نقول: أقوال .. إلى آخره، ما العام؟ لفظ مستغرق إلى آخره، ما الكلام؟ لفظ مفيد مركب بالوضع إلى آخره، حينئذٍ نقول: هذه التعاريف إنما تكون لمن يجهل، فإذا كان كذلك حينئذٍ لا بد من التصريح، والإحالة على خارج، هذا ينافي أصل السؤال عن الحد، فالطالب إذا قال: ما معنى الكلام؟ نقول: لفظ مفيد، هل يفهم أن المفيد يستلزم التركيب؟ لا، ما يفهم هذا؛ لأن هذا يحتاج إلى بسط، ويحتاج إلى معرفة عامة بعلم النحو، ثم بعد ذلك يستقر عنده أن الإفادة التامة تستلزم التركيب.

وقد نص الغزالي في: فن المنطق: على أن دلالة الالتزام مهجورة في الحدود، وأيده كذلك الصبان في حاشيته.

- ما المراد بقولهم في التفريق بين الكلم والكلام يجتمعان في المصدق؟

- في المصدق يعني، ما هو المصدق؟ يعني: ما يقع عليه .. ما يقع عليه اللفظ، فإذا قيل: قام زيد: كلام، هل هو كلم؟ لا، ما مصدق لفظ الكلام الذي انفرد عن الكلم، ما مصدقه يصدق على أي شيء .. يقع على أي شيء .. ينزل على أي شيء؟ كلام انفرد عن الكلم، أنا أسأل: كلام انفرد عن الكلم يصدق هذا اللفظ على أي شيء؟ قام زيد، فقام زيد وقع عليه هذا اللفظ، ما يصدق عليه أنه كلم وليس بكلام، إن قام زيد.

فالمصدق هو: الأفراد والآحاد التي يسميها المناطقة: المصادق، أو المصدقات الذي صدق، هذا أصله، ولها تفصيل ذكرناه في شرح المنطق.

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

سبق قول الناظم رحمه الله تعالى:

كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ ... واحِدُهُ كَلِمَةٌ والقَوْلُ عَمْ

وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ ... وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ يُؤَمْ