للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لو قيل للمبتدئ: الاسم يعرف بالفتحة، فكلما وجد فتحةً حينئذٍ قال: هذا اسم، ضرب: هذا اسم؛ لأن ضرب هذا مفتوح عليه فتحة، أليس كذلك؟ وكلما وجد الياء قال: هذا اسم؛ لأن الياء تنوب عن الكسرة، تضربين: ما هذه الياء؟ قد يظن أنها علامة اسمية، ولذلك نفى بعضهم أن يكون التمييز بالاسم حاصل بالفرع عن الكسرة، بل يكون التمييز بالكسرة.

ففي هذا المقام نخصص الجر علامةً على الاسمية بالكسرة فحسب، وإذا جئنا في مقام الإعراب .. باب الإعراب كما سيأتي معنا الرفع والنصب والخفض، نقول: الخفض هناك الكسرة وما ناب عنها، هل هذا تناقض؟ لا، ليس بتناقض لماذا؟ لأن اللفظ الواحد قد يراد به معنىً في موضع ومعنىً آخر في موضع آخر، كالمفرد الذي ذكرناه بالأمس، فحينئذٍ نقول: في هذا المقام نخصص العلامة بالكسرة فحسب، ونقيدها من أجل ألا يلتبس أو تلتبس بغيرها بالتي يحدثها عامل الجر.

وهناك في بيان أنواع الإعراب نقول: الكسرة وما ناب عنها؛ لأن ما ينوب عن الكسرة الفتحة والياء، وهذا لا يحصل به التمييز؛ لأن الذي يختص به الاسم هو الكسرة، فحينئذٍ لما دخلت الكسرة وهي مقتضىً لعامل يقتضي الجر صح أن تجعل علامةً عليه، وأما الياء والفتحة فليس كذلك.

والصبان هنا في هذا الموضع رد على من يقول: بأن الجر مخصص به بالكسر دون ما ينوب عنه، وكلامه كله ضعيف في هذا المحل، يعني: لا يسلم له، بل الصواب: التفريق بين المصطلحين، فحينئذٍ نقول: ثم أمران لا بد من التنبيه عليهما في هذا الموضع لكثرة الخلل فيه:

الأول: أن يقال بالجر علامتان، هذا الأصح.

الكسرة علامة مستقلة، على اسمية الكلمة، ثم دخول حرف الجر كذلك علامة مستقلة، فهما علامتان مختلفتان، فلا يلتبس عليك لما ذكرناه، والعلة في هذا: أن العلامات لا تشرح للمتمكن في فن النحو، الذي يميز الاسم عن الفعل عن الحرف هذا لا يحتاج أن ينبه على مثل هذه المسائل، الذي يلتبس عليه هذه الألفاظ حينئذٍ لا بد من ضبط الأصول، هذا أولاً.

ثانياً: يفسر الجر هنا الذي هو الكسرة، بالأصل لا بالفرع، يعني: بأصل الجر وهو الكسرة فحسب، لا بالفرع الذي هو الفتحة والياء، لماذا؟ لوجود الفتحة والياء في غير الاسم، وإذا كان كذلك حينئذٍ لا يصلح أن يكون علامةً، وقد سبق معنا قبل قليل: أن أل الموصولة إذا جوزنا دخولها على الفعل المضارع لا يصح أن نجعلها علامة على اسمية الكلمة؛ لأن شأن العلامة أن تختص بمدخولها فلا تدخل على غيره، والفتحة والياء ليست خاصة في اللفظ.

إذاً: بالجَرِّ، نقول: يشمل اثنين، هنا قال ابن عقيل: فمنها الجر وهو يشمل الجر بالحرف والإضافة والتبعية، وهذه على هذا التفصيل فيه ضعف، بل الصواب أنه يختص بماذا؟ بالمضاف وبحرف الجر فقط.