للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسأضرب لذلك أمثلة:" قال ابن أبي حاتم في ترجمة أحمد بن إبراهيم الحلبي: " سألت أبي عنه، وعرضت عليه حديثه فقال: لا أعرفه، وأحاديثه باطلة موضوعة كلها ليس لها أصول، يدل حديثه على أنه كذاب" (١)، وقال في ترجمة أحمد بن المنذر بن الجارود القزاز: " سألت أبي عنه فقال: لا أعرفه، وعرضت عليه حديثه فقال: حديث صحيح " (٢).

وقال أبو عبيد الآجري في مسلمة بن محمد الثقفي البصري: " سألت أبا داود عنه قلت: قال يحيى (يعني ابن معين): ليس بشيء؟ قال: حدثنا عنه مسدد أحاديث مستقيمة، قلت: حدث عن هشام، عن عروة، عن أبيه، عن عائشة: إياكم والزنج فإنهم خلق مشوّه. فقال: مَنْ حدث بهذا فاتهمه " (٣).

فهذه الأمثلة الثلاثة واضحة الدلالة على أن أبا حاتم الرازي وأبا داود لم يعرفا هؤلاء الرواة إلا عن طريق تفتيش حديثهم المجموع، وأنهما أصدرا أحكامهما استناداً إلى ذلك.

وقل مثل ذلك في قول الإمام البخاري (ت ٢٥٦) في إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي المدني (٨٣ - ١٦٥): منكر الحديث، وقول أبي حاتم الرازي

٢٧٧هـ) فيه: شيخ ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، منكر الحديث، وقول النسائي (ت ٣٠٣هـ) فيه: ضعيف.

"فهؤلاء العلماء الثلاثة لم يدركوه ولا عرفوه عن قرب ولا نقلوا عن شيوخهم أو آخرين ما يفيد ذلك، فكيف تم لهم الحصول على هذه النتائج والأقوال؟ واضح أنهم جمعوا حديثه ودرسوه، واصدروا أحكامهم اعتماداً على هذه الدراسة " (٤).

ويرى الواقف على أقوال الأئمة المتقدمين، وصنيعهم في المصنفات والجوامع


(١) الجرح والتعديل ٢/ ٤٠ ترجمة (٥).
(٢) الجرح والتعديل ٢/ ترجمة (١٧٠) قلت: ومن أمثلته أيضا: قال في ترجمة أحمد بن بحر العسكري: " سألت أبي عنه وعرضت عليه حديثه فقال: حديث صحيح. وهو لا يعرفه " الجرح والتعديل ٢/ ٤٢ (١٥).
(٣) تهذيب الكمال ٧/ ١١٢ (٦٥٥٤).
(٤) مقدمة تحرير التقريب، د. بشار عواد، والشيخ شعيب الأرنؤوط ١/ ١٨ - ٢٠، وانظر مقدمة تأريخ الخطيب، د. بشار عواد معروف ١/ ١٣٧ - ١٣٨.

<<  <   >  >>