للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: وهو الذي أراده الإمام أحمد والله أعلم.

وفي هذا أبلغ الرد على الحافظ ابن حجر في قوله الذي مر، وكذا ما رواه إسحاق بن هانئ قال: " قال لي أبو عبد الله-يعني أحمد- قال لي يحيى بن سعيد: لا أعلم عبيد الله يعني ابن عمر، أخطأ إلا في حديث واحد لنافع عن أبن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تسافر امرأةٌ فوق ثلاثة أيام ... (١) الحديث قال أبو عبد الله: فأنكر يحيى بن سعيد عليه.

قال أبو عبد الله: قال لي يحيى بن سعيد: فوجدته قد حدث به العمري الصغير عن ابن عمر مثله قال أبو عبد الله: لم يسمعه إلا من عبيد الله فلما بلغه عن العمري صححه " (٢).

قال ابن رجب:"وهذا الكلام يدل على أن النكارة عند يحيى القطان لا تزول إلا بمعرفة الحديث من وجه آخر وكلام الإمام أحمد قريب من ذلك" (٣).

قلت: فكيف إذن صرح الحافظ ابن حجر في أكثر من موضع: أن المتقدمين يقبلون تفرد الثقة؟ وهو القائل:" المنكر أطلقه أحمد بن حنبل وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له "، بل وحتى على رأيه هو في كون الصدوق يقبل تفرده-كما مر-فقد ناقض نفسه إذ قال:"فالصدوق إذا تفرد بشيءٍ لا متابع له ولا شاهد ولم يكن عنده من الضبط ما يشترط في حد الصحيح والحسن فهذا أحد قسمي الشاذ ... ". (٤)

وهكذا تحصل أن قول من يقول إنّ المتقدمين يطلقون النكارة على مجرد التفرد، هو قول ضعيف والصواب هو ما قدمناه من كونهم يلحظون سلامة الحديث أولاً، وهل هو محفوظ أو لا؟.

ويؤيد هذا أنّ الخطيب البغدادي بوّب باباً سماه: "باب ترك الاحتجاج بمن غلب على حديثه الشواذ ورواية المناكير والغرائب من الأحاديث" (٥)

فالقول إن المنكر هو:"ما انفرد به الراوي هو قول منقوض بالأفراد الصحيحة" (٦)،


(١) أخرجه مسلم ٢/ ٩٧٥ (١٣٣٨)،وأبو داود (١٧٢٧).
(٢) شرح العلل٢/ ٦٥٥ - ٦٥٦.
(٣) شرح العلل٢/ ٦٥٦
(٤) النكت٢/ ٦٧٤.
(٥) الكفاية في علم الرواية ص١٤٠.
(٦) الاقتراح، إبن دقيق العيد ص١٩٨.

<<  <   >  >>