إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادًا لما بين يديها فافعل، فإن انقطاع السفر عن قريب ما هو والأمر أعجل من ذلك، فتزود لسفرك واقض ما أنت قاض من أمرك، فكأنك بالأمر قد بغتك.
كتب بعض السلف إلى أخ له: يا أخي: يخيل إليك أنك مقيم، بل أنت دائب السير، تساق مع ذلك سوقًا حثيثًا، الموت متوجه إليك، والدنيا تطوى من ورائك. وما مضى من عمرك فليس بكار عليك يوم التغابن (١).
ونحن نسير في ركب الزاهدين وتمر بنا قوافل الصالحين .. كيف نرى الجمع بين الدنيا والآخرة .. وبين الزهد والقناعة ..
قال علي بن الفضيل: سمعت أبي يقول لابن المبارك: أنت تأمرنا بالزهد والتقلل والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع، كيف ذا؟ قال: يا أبا علي، إنما أفعل ذلك لأصون وجهي، وأكرم عرضي، وأستعين به على طاعة ربي، قال: يا ابن المبارك .. ما أحسن هذا إن تم هذا! !
[أخي الحبيب]
كيف ترانا على هذه الدنيا؟ ! ما أحسن الدنيا إذا أتت من حلال .. وصرفت في حلال .. فأوجه الخير لا تحصى .. فمن: صدقة،