للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال محمد بن واسع: إذا رأيت في الجنة رجلاً يبكي ألست تعجب من بكائه؟ قيل: بلى، قال: فالذي يضحك في الدنيا ولا يدري إلى ماذا يصير هو أعجب منه! ! (١).

وحال الكثير اليوم ينطبق عليه قول سعيد بن مسعود: إذا رأيت العبد تزداد دنياه وتنقص آخرته وهو به راض، فذلك المغبون الذي يلعب بوجهه وهو لا يشعر (٢).

[أخي الحبيب]

تزود من الدنيا فإنك لا تدري ... إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر

فكم من فتى أضحى وأمسى ضاحكًا ... وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري

وكم من صغار يرتجى طول عمرهم ... وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر

وكم من عروس زينوها لزوجها ... وقد قبضت أرواحهم ليلة العرس

ها هي الدنيا دار أماني وغرور فاحذرها، فإن أمانيها كاذبة، وإن آمالها باطلة، عيشها نكد، وصوفها كدر، وأنت منها على خطر، إما نعمة زائلة وإما بلية نازلة، وإما مصيبة موجعة، وإما ميتة قاضية (٣).

وقد أصاب أبو هريرة في وصف حالنا بقوله: ما صدقتكم أنفسكم؛ تأملون ما لا تبلغون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتبنون ما لا تسكنون.


(١) الإحياء: ٣/ ١٣٧.
(٢) مكاشفة القلوب: ١٥٧.
(٣) حلية الأولياء: ٢/ ١٣٦.

<<  <   >  >>