للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال سيار أبو الحكم: الفرح بالدنيا والحزن بالآخرة لا يجتمعان في قلب عبد، إذا سكن أحدهما القلب فر الآخر (١).

[أخي الحبيب]

حاسب زمانك في حالي تصرفه ... تجده أعطاك أضعاف الذي سلبا

نفسي التي تملك الأشياء ذاهبة ... فكيف أبكي على شيء إذا ذهبا؟ ! (٢)

حال أبي الدرداء في الجاهلية والإسلام يرويها بنفسه فيقول: كنت تاجرًا في الجاهلية، فلما جاء الإسلام أخذت التجارة والعبادة، فلم يجتمعا لي، فأقبلت على العبادة، وتركت التجارة.

ولا شك أنه -رضي الله عنه - ضحى بدنيا فانية وأعوام قليلة لينعم برحمة الله في دار كرامته.

وليس معنى ذلك ترك العمل وتحصيل المعاش وبذل الأسباب ولكن لا يكن الهم الأول جمع الدنيا واللهث ورائها .. وإلا فالإسلام يحث على العمل، ويعتبره نوع من أنواع الجهاد، إذا خلصت النية، واستوفى الشروط الأخرى من أمانة وإخلاص وغيرهما.

قال عبد الله بن مسعود: من أراد الدنيا أضر بالآخرة، ومن أراد الآخرة أضر بالدنيا، يا قوم، فأضروا بالفاني للباقي.

لا تأسف على الدنيا وما فيها ... فالموت لا شك يفنينا ويفنيها

واعمل لدار البقاء رضوان خازنها ... والجار أحمد والجبار بانيها (٣)


(١) صفة الصفوة: ٣/ ١٣.
(٢) موارد الظمآن: ٢/ ٧٧.
(٣) الزهر الفائح: ٧٩.

<<  <   >  >>