للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحال الكثير اليوم: جمع ما لا يأكل، وبني ما لا يسكن .. وحتى إن أكل وسكن سنوات معدودة وأزمنة محدودة.

قال أبو حازم: إن عوفينا من شر ما أعطينا؛ لم يضرنا فقد ما زوي عنا (١).

هي القناعة لا تبغي بها بديلاً ... فيها النعيم وفيها راحة البدن

انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ... هل راح منها بغير القطن والكفن (٢)

قال أبو محرز الطفاوي: شكوت إلى جارية لنا ضيق الكسب عليَّ وأنا شاب، فقالت لي: يا بني استعن بعز القناعة عن ذل المطالب. فكثيرًا ما رأيت القليل عاد سليمًا، قال أبو محرز: ما زلت أعرف بركة كلامها في قنوعي.

[أخي الحبيب]

كل من لاقيت يشكو دهره ... ليت شعري هذه الدنيا لمن؟ ! (٣)

هل رأيت أخي غير ذلك؟ ! ولكن القناعة: مكسب وعز، والنفس خير مركب ..

وقد قال شعيب بن حرب: من أراد الدنيا فليتهيأ للذل، ومن تهيأ للذل، أطلق عنانه، ولم يمسك بلجامه .. يتساوى لديه: الحلال والحرام، والرد والصد .. يجري خلف المادة، ويلهث وراء الدنيا .. وكان أبو حازم يرى هذا الجري وذاك اللهث، فقال: لوددت أن


(١) أدب الدنيا والدين: ١٢١.
(٢) التذكرة: ١١.
(٣) موارد الظمآن: ٢/ ٧١.

<<  <   >  >>