للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ما مات، فابك على قلبك (١).

ونحن -أخي الحبيب- في هذه الدنيا على قدم وساق سائرون، ولا يأمن مضيعون، نفوت أوقاتنا، ونضيع أيامنا .. ونلهث في سير حثيث وراء حطام الدنيا كأنها تفوت ..

قيل لحاتم الأصم: على ما بنيت أمرك في التوكل؟

قال: على خصال أربع: علمت أن رزقي لا يأكله غيري، فأطمأنت به نفسي، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت يأتي بغتة، فأنا أبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله فأنا مستحي منه (٢).

إن إلهي لغني حميد ... في كل يوم منه رزق جديد

الحمد لله الذي لم يزل ... يفعل بي أكثر مما أريد (٣)

[أخي المسلم]

همة المؤمن متعلقة بالآخرة، فكل ما في الدنيا يحركه إلى ذكر الآخرة، وكل من شغله شيء فهمته شغله، ألا ترى أنه لو دخل أرباب الصنائع إلى دار معمورة، رأيت البزاز ينظر إلى الفرش، ويحرز قيمته. والنجار إلى السقف، والبناء إلى الحيطان، والحائك إلى النسيج المخيط، والمؤمن إذا رأى ظلمة، ذكر ظلمة القبر، وإذا رأى


(١) الزهر الفائح: ٤١٤.
(٢) السير: ١١/ ٤٨٥، وفيات الأعيان: ٢/ ٢٧.
(٣) صفة الصفوة: ٤/ ٥٢.

<<  <   >  >>