للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الفضيل بن عياض: العجب كل العجب لمن عرف الله ثم عصاه بعد المعرفة (١).

أهون بداركم الدنيا وأهليها ... واضرب بها صفحات من محبيها

الله يعلم أني لست وامقها ... ولا أريد بقاء ساعة فيها

لكن تمرغت في أدناسها حقبا ... وبت أنشرها حينًا وأطويها

أيام أسحب ذيلي في ملاعبها ... جعلاً وأهدمُ من ديني وأنبيها

وكم تحملت فيها غير مكترث ... من شامخات ذنوب لست أحصيها

فقلت أبقي لعلي أهدم ما ... بنيت منها وأدناسي أنقيها

من ورائي عقاب لست أقطعها ... حتى أخفف أحمالي وألقيها

يا ويلتي وبحار العفو زاخرة ... إن لم تصبني برش في تثنيها (٢)

إخواني: تفكروا ما في الحشر والميعاد، ودعوا طول النوم والرقاد، وتفقدوا أعمالكم، فالمناقش ذو انتقام، إن في القيامة لحسرات، وإن عند الميزان لزفرات، فريق في الجنة وفريق في السعير، ففريق يرتقون إلى الدرجات، وفريق يهبطون إلى الدركات، وما بينك وبين هذا الأمر إلا أن يقال فلان قد مات، يا من كان له قلب فمات، يا من كان له وقت ففات، أشرف الأشياء قلبك ووقتك، فإن أنت ضيعت وقتك، وأهملت قلبك، فقد ذهب منك الفوائد، إن كنت تبكي على ما فات، فابك على فرقتك، وإن كنت تبكي


(١) الزهر الفائح: ٩٥.
(٢) العاقبة: ٣٠.

<<  <   >  >>