للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أخي المسلم]

من تأمل بعين الفكر: داوم البقاء في الجنة، في صفاء بلا كدر، ولذات بلا انقطاع، وبلوغ كل مطلوب للنفس والزيادة، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، من غير تغيير ولا زوال، إذ لا يقال: ألف ألف سنة، ولا مائة ألف ألف، بل ولو أن الإنسان عد الألوف ألوف السنين لا ينقضي عدده، وكان له نهاية. فبقاء الآخرة لا نفاد له، إلا أنه لا يحصل ذلك إلا بنقد هذا العمر، وما مقدار عمر غايته مائة سنة، منها خمسة عشرة صبوة وجهل، وثلاثون بعد السبعين إن حصلت ضعف وعجز، والتوسط نصفه نوم، وبعضه زمان أكل وشرب وكسب، والمنتحل منه للعبادات يسير، أفلا يشتري ذلك الدائم بهذا القليل، إن الإعراض عن المشروع في هذا البيع والشراء لغبن فاحش في العقل، وخلل في الإيمان بالوعد (١).

ولولا ثلاث هن من لذة الفتى ... وربك لم أحفل متى قام عودي

سياحة قلبي في رياض أريضة ... من العلم مجتازًا على كل مورد

وتسبيحًا لله جل جلاله ... عشيًا وبالإبكار في كل مسجد

وترتيل آيات الكتاب منورًا ... بها جوف ليل في قيام التهجد (٢)

قال الحسن: نعمت الدار الدنيا كانت للمؤمن، وذلك أنه


(١) صيد الخاطر: ٤٥٢.
(٢) موارد الظمآن: ٢/ ٢٨.

<<  <   >  >>