للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فليكن سرورك بما قلت من أمر آخرتك، وليكن أسفك على ما فاتك منها، وما نلت من دنياك فلا تكثرن به فرحًا، وليكن همك فيما بعد الموت.

أرى طالب الدنيا وإن طال عمره ... ونال من الدنيا سرور وأنعما

كبانٍ بنى بنيانه فأقامه ... فلما استوى ما قد بناه تهدما (١)

أخي الحبيب: يقال: غم الأحياء خمسة أشياء، ينبغي للإنسان أن يكون غمه في هذه الخمسة:

أولها: غم الذنوب الماضية، لأنه قد أذنب ذنبًا، ولم يتبين له العفو، فينبغي أن يكون مغمومًا بها مشغولاً بها.

الثاني: أنه قد عمل الحسنات، ولم يتبين له القبول.

الثالث: قد علم حياته فيما مضى كيف مضت؟ ولا يدري كيف يكون الباقي.

الرابع: قد علم أن لله تعالى دارين، ولا يدري إلى أية دار به يصير.

الخامس: لا يدري أن الله تعالى راض عنه أم ساخط عليه.

فمن كان غمه في هذه الأشياء الخمسة في حياته فإنه يمنعه من الضحك (٢).

قال إبراهيم التيمي: كم بينكم وبين القوم؟ أقبلت عليهم


(١) إرشاد العباد: ١٢٠.
(٢) تنبيه الغافلين: ١/ ٢١٣.

<<  <   >  >>