للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدنيا فهربوا. وأدبرت عنكم فاتبعتوها (١) (٢).

كأنك لم تسمع بأخبار من مضى ... ولم تر في الباقين ما يصنع الدهر

فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم ... محاها مجال الريح بعدك والقطر

على ذاك مروا أجمعون وهكذا ... يمرون حتى يستردهم الحشر

فحتى متى لا تصحو وقد قرب المدى ... وحتى متى لا ينجاب عن قلبك السكر

بل سوف تصحو حين ينكشف الغطا ... وتذكر قولي حين لا ينفع الذكر

قام أبو ذر الغفاري: عند الكعبة فقال: يا أيها الناس أنا جندب الغفاري، هلموا إلى الأخ الناصح الشفيق، فاكتنفه الناس، فقال: أرأيتم لو أن أحدكم أراد سفرًا أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه ويبلغه؟ قالوا: بلى، قال: فإن سفر طريق يوم القيامة أبعد ما تريدون، فخذوا ما يصلحكم، قالوا: وما يصلحنا؟ قال: حجوا حجة لعظائم الأمور، وصوموا يومًا شديدًا حره لطول النشور، وصلوا ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها أو كلمة شر تسكت عنها لوقوف يوم عظيم، تصدق بمالك لعلك تنجو من عسيرها، اجعل الدنيا مجلسين، مجلسًا في طلب الحلال، ومجلسًا في طلب الآخرة، الثالث: يضرك ولا ينفعك لا ترده. اجعل المال درهمين: درهمًا تنفقه على عيالك من حله، ودرهما تقدمه لآخرتك.


(١) صفة الصفوة: ٣/ ٩٠.
(٢) السير: ٥/ ٦١.

<<  <   >  >>