للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أيها الناس! إن سهام الموت صوبت إليكم، فانظروها، وحبالة الأمل قد نصبت بين أيديكم، فاحذروها، وفتن الدنيا قد حاطت بكم من كل جانب، فاتقوها، ولا تغتروا بما أنتم فيه من حسن الحال، فإنه إلى زوال، ومقيمة إلى ارتحال، وممتدة إلى تقلص واضمحلال (١).

تمر بنا الأيام تترى وإنما ... نساق إلى الآجال والعين تنظر

فلا عائد ذاك الشباب الذي مضى ... ولا زائل هذا المشيب المكدر (٢)

فمن تكفر في عواقب الدنيا أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر (٣).

وقد لهونا في هذه الدنيا .. وتتابعت ذنوب خلف ذنوب.

أخي الحبيب ... أين نحن من هؤلاء؟ !

عن أنس بن عياض قال: رأيت صفوان بن سليم، ولو قيل له: غدًا القيامة ما كان عنده مزيد على ما هو عليه من العبادة (٤).

عجبت لحالنا .. الدنيا مولية عنا، والآخرة مقبلة علينا، ونشتغل بالمدبرة، ونعرض عن المقبلة .. كأننا لن نصل إليها .. ولن نحط رحالنا فيها ..

وقد قال عمر بن عبد العزيز في خطبته: إن الدنيا ليست بدار


(١) العاقبة: ٦٩.
(٢) شذرات الذهب: ٦/ ٢٣١.
(٣) صيد الخاطر: ٢٥.
(٤) السير: ٥/ ٣٦٦.

<<  <   >  >>