للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال بعض الزهاد: ما علمت أن أحدًا سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها: بذكر، أو صلاة، أو قراءة، أو إحسان، فقال له رجل: إني أكثر البكاء، فقال: إنك إن تضحك مقر بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك. وإن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه، فقال: أوصني، فقال: دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها، وكن في الدنيا كالنحلة إن أكلت أكلت طيبًا وإن أطعمت أطعمت طيبًا، وإن سقطت على شيء لم تكسره ولم تخدشه (١).

[أخي الحبيب]

ما تذكر أحد الموت إلا هانت الدنيا في عينه، وزالت الغشاوة من أمام ناظره .. فإنها سنوات معدودة مهما جمعت فيها ومهما حصلت على كنوزها؛ فإن وراء ذلك هادم اللذات ومفرق الجماعات.

قال الحسن: إن الموت فضح الدنيا، فلم يترك لذي لب فيها فرحًا (٢).

وأي فرح -أخي- وها هي الدنيا ..

قد نادت الدنيا على نفسها ... لو كان في العالم من يسمع

كم واثق بالعمر أفنيته ... وجامع بددت ما يجمع (٣)

قال أبو عبيدة الناجي -رحمه الله-: دخلنا على الحسن


(١) الفوائد: ١٥٣.
(٢) تاريخ بغداد: ١٤/ ٤٤٤.
(٣) طبقات الشافعية: ٦/ ٧٨.

<<  <   >  >>