للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحزنه ذلك، ما ينفع مال يزيد وعمر ينقص (١).

الكثير يحملهم طلب الدنيا على الهم والغم وتكدر العيش، ولم نر إلا القليل يحزن لذهاب عمره ودنو أجله.

ينسى الكثير سنوات عمره التي مضت، وأيامه التي انقضت، ولا ينسى شيئًا من أمور الدنيا .. كأن الهدف جمع الدنيا

والتفرغ لها.

تفكرت في الدنيا فأبصرت رشدها ... وذلك بالتقوى من الله حدها

أسأت بها ظنًا فأخلفت وعدها ... وأصبحت مولاها وقد كنت عبدها (٢)

هذا صوت يأخذه العجب من عدم توازن الأمور .. هذا يحيى بن معاذ يقول: عجبت ممن يحزن عن نقصان ماله! ! كيف لا يحزن على نقصان عمره؟ !

لم نر ولم نسمع عمن بات مهمومًا مغمومًا من نقصان عمره .. وذهاب أوقاته .. ولكننا نرى الكثير مهمومًا مغمومًا من نقصان ماله! ! أين هو عن تبدل المنازل بعد فترة يسيرة؟ أين هو عن الحساب والجزاء؟ !

من كان يوحشه تبديل منزله ... وأن يبدل منها منزلاً حسنا

ماذا يقول إذا ضمت جوانبها ... عليه واجتمعت من هاهنا وهنا

ماذا يقول إذا أمسى بحفرته ... فردًا وقد فارق الأهلين والسكنا


(١) السير: ١٩/ ٤٨٣.
(٢) طبقات الحنابلة: ٢٨٥.

<<  <   >  >>