شاكراً لناظرهم على ما أولاني من جميله، وسرت الهوينا في طرق تلك القرية فشِمتها صغيرة، وتسمى كما علمت رودسيهم موضوعة على الجهة الغربية لنهر الرين صانعة عليه قوساً منحدراً من جبيلها المسمى نيدرفال المشغول بالكروم، وسكانها ٤٠٠٠ نفس، وهي مشهورة قديماً وحديثاً بنبيذها الأبيض والأصفر، يأتيها الغرباء كثيراً مدة الصيف لتغيير الهواء بها، ومشاهدة تمثال جرمانيا المذكور آنفاً، وأهلها ما بين زارع للأعناب وصانع.
وفي مساء ذلك اليوم شرفني ناظر المدرسة المتقدم ذكرها وبصحبته خمسة من أصحابه ما بين نظار لمدارس أخرى ومعلمين، فرأيت ذلك كمال عناية منهم، ورحبت بهم، وعظَّمت من مكانهم، وقضينا المساء نتفاوض في حديث المدارس
والتدريس، ثم ودعوني وأنا أتلو لهم كلمات التشكر والممنونية، ومن جملة ما تجاذبنا فيه الكلام أني عرضت عليهم سؤالاً كنت شغوفاً بمعرفة جوابه قائلاً كيف ترى الآباء في تلك البلاد والقرى أمر إلزامهم بإرسال أولادهم إلى المدرسة وتعلمهم؟ فرددوا كلمات التأوه مما يلقونه من إباء الآباء، وضجرهم من الأخذ على أيديهم، حيث لا مطمح لنظرهم إلى الحاجيات لا الكماليات، والمعيشة لديهم متوفرة بدون أخذهم بالتعليم، فقلت