بذلك، وطلبا مني العفو، وتجاذبنا من وقتئذ أطراف الحديث. وعلمت من حديثهما أنهما قد تقارنا قريباً
بعدما أنحلهما الغرام، وهالهما الهُيام، وقد أخذا في سفر الزواج كما هي عادة الألمانيين. وإليك شرحها اختصاراً، فأقول:
لما كان التزوج في البلاد الألمانية عسير الحصول بالنسبة لكثرة عدد الإناث وقلّة غنى الذكور، التزمت الآباء بإعطاء كامل الحرية لبناتهم متى بلغن ١٨ سنة من عمرهن، فيتركونهن في المجتمعات والمحافل يتسامرن، ويتداعبن، ويلعبن، ويرقصن مع الشبان إلى غير ذلك، فربما علق أحدهم بإحداهن وهي به، فيخرجان، وقد ثارت نيران الحب في أحشائهما، ويكون ذلك لهما موضوعاً للمراسلات العشقية، ويتراسلان، ويتواعدان ليتفسح معها في المنتزهات أوقات الفضا، ويكون مصاحباً لها أشهراً، وربما أعواماً تحت مراقبة الآباء أو أولياء شأنهما، ويسمون تلك المدة بمدة التجربة، ويستمران على ذلك حتى إذا لم يجدا مانعاً في الأثناء، وألفيا أن لا مناص من الاقتران عرضا خطبتهما على الآباء فإذا رضوا، ولم يكن ثم مانع، احتفلوا لزواجهما ليلة أو ليلتين، ثم يسافران معاً ليشتد وثوقهما، ويشد بعضهما أزر البعض تمكيناً للألفة والمحبة، وإلا فمتى حصل عائق وتفاقم غرامهما ورأيا أن لا محيد عن الفراق، فالناس في هذه