ولله المثل الأعلى، فلقد كلفنا الله عز وجل بأداء مهمة محددة على الأرض، فمن اجتهد في القيام بها، فقد عرض نفسه لرضا مولاه، ومن ثمَّ عونه ومدده، أما من ترك مهمته وانشغل بشهواته، فقد عرض نفسه لغضب مولاه، ومن ثمَّ حرمانه من المدد والتوفيق: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل/٥ - ١٠].
إذن فنحن الذين نحدد لأنفسنا الطريقة التي يعاملنا الله بها، فعلى قدر استقامتنا على أمر الله، وقيامنا بمهام العبودية تكون ولايته ونصرته لنا سبحانه وتعالى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الأعراف/٩٦].
[الكرامة والاستقامة]
من هنا يتضح لنا أن كرامة العبد عند الله مرتبطة بمدى عبوديته له، ولا علاقة لذلك بالنسب أو الماضي أو ... ، ألم يقل سبحانه وتعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر/٦٥]، وقال تعالى:{وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}[البقرة/١٢٠].
فالولاية والكرامة على قدر الاستقامة، واستمرارها مرتبط ببقاء حالة تلك الاستقامة، فعلى سبيل المثال: إن الله عز وجل فضل بني إسرائيل على العالمين في فترة من الفترات بسبب صبرهم وتحملهم الأذى في سبيله: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا}[الأعراف/١٣٧].