للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذه وغيرها صور التغيير الذي يُحدثه القرآن في الشخص الذي يدخل إلى ماكيناته ويُسلم له قياده ليخرج بعد ذلك من مصنعه شخصا آخر قد ارتدى رداء العبودية لله، وبدأ في ممارسة الوظيفة التي نزل على الأرض من اجل القيام بها، قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير/٢٧، ٢٨].

[كيف ننتفع بالقرآن؟]

رأينا فيما سبق قدرة القرآن على إحداث التغيير الجذري للفرد - أي فرد - ليصبح من خلاله عبدا مخلصا لله عز وجل، مستقيما على أمره مبتغيا دوما رضاه.

إذن فالقرآن الذي بين أيدينا هو الوسيلة التي من خلالها سنكون - بمشيئة الله - كما يحب ربنا ويرضى، فيتحقق تبعا لذلك وعده الذي وعد به عباده الصالحين بالنصر والتمكين: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء/١٠٥].

والأمر اللافت للانتباه أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين أخبر عما سيحدث من فتن، دلنا كذلك على الطريقة المثلى للخروج منها .. ألا وهي التمسك بالقرآن، فعندما سأله حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: أبعد هذا الخير الذي نحن فيه من شر نحذره؟! قال صلى الله عليه وسلم: " يا حذيفة؛ عليك بكتاب الله فتعلمه واتبع ما فيه " حتى قال ذلك ثلاث مرات، قلت: نعم (١).

وعندما سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ستكون فتن "، فقال: وما المخرج منها؟ قال صلى الله عليه وسلم: " كتاب الله ... " الحديث (٢).


(١) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٢/ ٣٢٧، رقم ١٩٤١). وأخرجه أيضًا: ابن حبان (١/ ٣٢٣، رقم ١١٧).
(٢) حديث ضعيف: أخرجه الترمذي (٥/ ١٧٢، رقم ٢٩٠٦)، وقال: إسناده مجهول. والبيهقي في شعب الإيمان (٢/ ٣٢٦، رقم ١٩٣٥)، وضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (ج ٢٤ / ص ٨٨٣ برقم ٦٣٩٣).

<<  <   >  >>