تبين لنا من خلال الصفحات السابقة أهمية وجود المربي حتى تكون نتيجة التغيير الذي يُحدثه القرآن في الاتجاه الصحيح ... .
فإن قلت: وأين أجد المربي الذي يقوم بهذا الدور؟!
نعم، قد لا تجد مثل هؤلاء المربين الدالين على الله وعلى كتابه، ولكن مع وجود المنهج، ألا وهو القرآن، ومع فهم طبيعة دور المربي - كما سبق بيانه -، يمكننا أن نستعيض عن دوره - ولو بصفة مؤقتة - من خلال تعاهد بعضنا البعض بالنصح والإرشاد، وتبادل الخبرات وتبني الأدوار التي يقوم بها المربي، وحبذا لو كان بيننا من سبقنا إلى الدخول لمأدبة القرآن ليوفر علينا الوقت والجهد.
هذا التصور والذي يمكننا أن نطلق عليه " المحاضن التربوية " قد يصلح لأن يكون بديلا للمربي الذي قد يعِز وجوده بيننا، فما لا يُدرك كله لا يُترك كله، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك المحاضن وسيلة يجتمع فيها من يريد أن يغير ما بنفسه ولديه الرغبة في ذلك، على أن يكون القرآن هو محورها وما يلحق به من منابع الإيمان التي سبق الإشارة إليها، ولسنا نعني بذلك أن يتم فيه الحديث فقط عن تفسير الآيات، فالتفاسير كثيرة ومتواجدة في كل البيوت بل المقصد هو إرشاد الأفراد إلى كيفية الانتفاع بالقرآن وتذوق حلاوته، كما سبق بيانه في كيفية التعرف على الله من خلال القرآن، مع العلم أنه بالمداومة على استخدام وسائل العودة إلى القرآن، والتي ذُكرت في الصفحات السابقة سيبدأ الأفراد تذوق حلاوة الإيمان، لتكون هذه المحاضن وسيلة لتبادل هذه الأذواق وشحذ الهمم، وفتح آفاق أوسع للتعامل مع الآيات.
[وظيفة المحاضن]
إذن فالمحاضن التربوية يمكن أن تقوم بدور المربي، مع الأخذ في الاعتبار أنه مع وجود القرآن كمحور أساسي لها، فإن المطلوب منها كذلك أن تقوم بضبط الفهم وحُسن توجيه طاقات الأفراد المتولدة من معايشة القرآن للقيام بأعمال البر المختلفة في شتى المجالات مع مراعاة ظروف الفرد وإمكاناته.