ومما يساعد على زيادة الخشوع في القلب واستسلامه لله: حُسن التعبير عن المعاني التي تتولد داخلنا عند تأثرنا بالآيات، وذلك من خلال البكاء والدعاء ومناجاة الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعً} [الإسراء/١٠٧ - ١٠٩].
من هنا كان من المناسب أن نخصص قدرا من قراءتنا في صلاة الليل، فنعيش مع الآيات في القيام، ونعبر عن معانيها في السجود:{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا}[المزمل/٦].
[ثامنا: تعلم الآيات والعمل بها]
لكي يقوم القرآن بدوره الأساسي معنا في التذكرة والتوجيه، والاستقامة على الصراط المستقيم، والقرب الدائم من الله عز وجل، لابد لنا من أن نسلم له قيادنا، وأن نُحسن الاستماع إلى توجيهاته، والعمل به قدر المستطاع.
والوسائل السبع السابقة من شأنها أن تدخلنا إلى دائرة تأثير القرآن - بفضل الله - وتهيئنا لحُسن استقبال توجيهاته، والعمل بمقتضاها، ولكن القارئ لن يستطيع من خلالها أن يتوقف عند كل آية يقرؤها ليعرف من خلالها المطلوب عمله منها وإلا ما تجاوزت قراءته بضع آيات في اليوم الواحد.
نعم يكفيه التغيير الذي تُحدثه الآيات التي يتلوها في تصوراته، والإيمان الذي يزيد في قلبه، والطاقة التي تتولد داخله وتدفعه للقيام بأعمال البر المختلفة.
ومع هذا كله كانت الوسيلة الثامنة التي إن استخدمناها حَسُن انتفاعنا بالقرآن، ألا وهي تعلم الآيات وحفظها والعمل بها، وذلك بالتوازي مع الوسائل السابقة.